تلاميذ المغرب الأقل من 15 سنة: مستوى متواضع، تحرش، تكرار، هدر مدرسي، تعاسة وحزن، ومستقبل غير واضح

49 في المئة منهم رسبوا على الأقل مرة واحدة

 

نظمت الهيئة الوطنية للتقييم التابعة للمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، يوم الأربعاء 09 فبراير 2022 ، ورشة عمل عن بُعد لعرض وتبادل نتائج التقرير الوطني عن أداء التلاميذ المغاربة استناداً إلى البيانات المستقاة من الدراسة الاستقصائية التي أجريت في عام 2018 مع مختلف الجهات الفاعلة في هذا القطاع.
ويقيِّم البرنامج قدرة الطلاب في سن الخامسة عشرة على تعبئة المعارف والمهارات التي اكتسبوها خلال مسارهم التعليمي وتطبيقها على أوضاع الحياة الحقيقية. ويحلل التقرير مهارات الطلاب المغاربة بالمقارنة مع بعض البلدان الناشئة، وفي ما يتعلق بعوامل السياق، ولا سيما تلك المتعلقة بالأسرة والبيئة المدرسية.
ويمكن استخدام عرض التقرير الوطني للمغرب لعام 2018 الذي أعده برنامج التقييم الدولي لتقييم الأداء ونتائجه في المعلومات والتبادل والنقاش بشأن مستوى التعلم في النظام التعليمي في ضوء المقارنة الدولية. وبالإضافة إلى المؤشرات المستمدة من البرنامج الوطني لتقييم التعلم السابق (PNEA) الذي يصدره المعهد الوطني للإحصاء، يمكن أيضا استخدام هذه النتائج كأداة لتقييم نوعية المدرسة المغربية ووضع التدابير العلاجية اللازمة.
هده الدراسة كشفت عن نتائج وأرقام صادمة تخص ظواهر سلبية تهيمن على المؤسسات التعليمية بالمغرب مثل التحرش والتكرار والتغيب عن الدراسة أو التأخير، وهي الظواهر السلبية التي تفاقم من أزمة التعليم وتحول دون تحقيق النتائج المرجوة في قطاع يعول عليه في بناء الرأسمال البشري ويعتبر رافعة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية.
وهكذا كشف التقرير، الذي أعده المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي بتعاون مع وكالة حساب تحدي الألفية المغرب ومنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، أن 44 في المائة من التلاميذ المغاربة كانوا ضحايا تحرش مرة واحدة في الشهر على الأقل، في مقابل 30 في المائة كمتوسط في دول منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، البالغ عددها 79 دولة.
هؤلاء التلاميذ الذين تعرضوا للتحرش، يوضح ذات التقرير، حصلوا على معدلات أقل من زملائهم بفارق 43 نقطة في فهم النصوص و30 نقطة في الرياضيات و31 نقطة في العلوم.
الدراسة كشفت أيضا بخصوص غياب التلاميذ أو تأخرهم عن الالتحاق بفصولهم أن 59 في المئة منهم صرحوا أنهم وصلوا متأخرين إلى مدارسهم مرة واحدة على الأقل في الأسبوعين اللذين سبقا إجراء الدراسة، في مقابل 48 في المئة في دول منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية فيما صرح 44 في المئة من التلاميذ المستجوبين أنهم لم يحضروا الفصل الدراسي ليوم واحد أو عدة أيام في مقابل 21 في المئة في دول منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، وصرح 59 في المئة من التلاميذ المغاربة أنهم تغيبوا عن بعض الحصص الدراسية مرة واحدة على الأقل في أسبوعين.
الدراسة، التي أماطت اللثام عن مجموعة من المشاكل التي يتخبط فيها التعليم بالمغرب والتي لم تعد تخفى على أحد، كنسبة التكرار أو مستوى الكفايات او حتى مستوى الاجتماعي و الاقتصادي، وهي دراسة من بين دراسات متعددة وضعت اليد على المشاكل والصعوبات الكثيرة و المتعددة التي تغرق المنظومة التربوية ببلادنا، في غياب حلول تخرج الوضع الحالي للتعليم من عنق الزجاجة وتبث بعض الأمل في النفوس، أظهرت مدى تواضع مستوى التلاميذ المغاربة، خصوصا الأكثر حرمانا بالقطاع العمومي وبالمجال القروي، لكنها بينت أيضا أن هناك تلاميذ منحدرين من أوساط معوزة استطاعوا إحراز نتائج مشجعة وتغلبوا على صعوباتهم السوسيواقتصادية ونجحوا في أن يكونوا من بين أفضل التلاميذ في فهم النصوص المكتوبة على الصعيد الوطني حيث بلغت نسبتهم13 في المئة.
وحسب ذات الدراسة فإن أقل من ربع التلاميذ المغاربة البالغين أقل من 15 سنة يتوفرون على مستوى أدنى من الكفايات، أما ما تبقى منهم فلم يستطيعوا الحصول على المعارف الأساسية التي تمكنهم من إكمال دراستهم والمساهمة في تنمية وتطور بلادهم .
وهكذا أوضح البحث أن 73 في المئة من التلاميذ المغاربة لا يتوفرون على الكفايات المطلوبة في فهم النصوص المكتوبة و76 في المئة في الرياضيات و69في المئة في العلوم.
وبخصوص تكرار سنوات الدراسة خلال مسار التلاميذ المغاربة أقل من 15 سنة كشفت الدراسة أن المنظومة التربوية المغربية تتسم بنسبة تكرار مرتفعة حيث صرح 49 في المئة من هؤلاء التلاميذ أنهم رسبوا، على الأقل، مرة واحدة، وهي النسبة المئوية الأكثر ارتفاعا من بين الدول المشاركة في البحث، وهو الأمر الذي ينتشر أكثر بين صفوف الذكور، الأطفال المعوزين، الوسط القروي، وفي القطاع العمومي. وهكذا فقد بلغت نسبة التكرار 63في المئة في صفوف التلاميذ المعوزين، مقابل 26 في المئة بين تلاميذ الأسر الميسورة، وتصل 51 في المئة بالتعليم العمومي و 22في المئة بالتعليم الخصوصي.
وبخصوص الفرق بين نتائج الإناث والذكور كشفت ذات الدراسة أن الإناث يتفوقن على الذكور في فهم النصوص المكتوبة والعلوم(26 نقطة و9على التوالي) في حين كانت نتائجهما متساوية في الرياضيات .
نتائج التقرير الوطني عن أداء التلاميذ المغاربة كشف أيضا عدم وضوح مستقبل هؤلاء التلاميذ وغموضه إذ أن نسبة التلاميذ المغاربة الذين لديهم طموح في متابعة دراستهم بعد البكالوريا لا تتعدى 52 في المئة، في حين صرح 20في المئة من المستجوبين أنهم لا يعرفون ماذا سيفعلون بعد خمس سنوات من الآن، وصرح 30 في المئة منهم أنهم يطمحون أن يعملوا و14 في المئة يطمحون للعمل في مهن لاتتطلب الحصول على تعليم عال.
وبخصوص الجانب النفسي للتلاميذ فقد صرح 8 في المئة من المشاركين في البحث أنهم يشعرون بالتعاسة والفزع بشكل دائم وبلغت نسبة من يشعرون بالقلق12 في المئة وبالحزن الدائم10 في المئة.
يذكر أن هذه هي المشاركة الأولى للمغرب في PISA2018 (برنامج التقييم الدولي للطلاب)، وهو مسح دولي يقيم مهارات الأطفال في سن الخامسة عشرة في القراءة والرياضيات والعلوم. وهي دراسة استقصائية تجريها منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي كل ثلاث سنوات، وتشارك فيها عدة بلدان واقتصادات في مختلف أنحاء العالم. وشهد هذا العام (2018) مشاركة 000 60 تلميذ في البلدان 79.


الكاتب : خديجة مشتري

  

بتاريخ : 14/02/2022