في إطار استراتيجية تنميته ومسايرة التحولات الرقمية العالمية المتسارعة..

 نحو إنزال مشروع إعلامي كبير لتأهيل المجال السمعي البصري العمومي الوطني

 

كشف عثمان الفردوس، وزير الثقافة والشباب والرياضة، مؤخرا، عن الشروع في إنزال مشروع إعلامي وطني كبير لتأهيل المجال السمعي البصري العمومي، وذلك في إطار تحديث القطاع وإحداث نوع من التكامل والتنسيق بين مؤسسات القطاع السمعي البصري العمومي، حيث أبرز الوزير من خلال استضافته بالنشرة الإخبارية على قناة «الأولى»، أن الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة (SNRT)، ستتحول إلى شركة قابضة (هولدينغ)، ستستحوذ على رأسمال القناة الثانية دوزيم 100 في المائة، وأيضا في رأسمال قناة “ميدي1 تيفي”، وهو ما سيمكن من خلق هوامش جديدة للتمويل والتنمية، تتجلى في خلق متنفس كبير بالنسبة لتنمية التسويق والتجاري، وأيضا إتاحة هوامش فيما يتعلق بتكوين الموارد البشرية، موضحا أن هناك 2000 موظف في الشركة الوطنية ، « لديهم نسبة تأطير عالية جدا بالنسبة لمؤسسات عمومية أخرى، وهناك أيضا التكوين والبحث العلمي، فضلا عن تعاضد الموارد التقنية، وكذا شراء البرامج والمنتوجات غير البرامجية.»، مضيفا أن الهدف الأول من هذه العملية، هو تحقيق منتوج سمعي بصري جيد يرضي المواطن المغربي سواء فردا وعائلة، والهدف الثاني التوجه نحو إعلام القرب، إذ كشفت إحصائيات ومتابعات في السنتين الأخيرتين أن 90 في المائة من البرامج التلفزيونية المعروضة نالت رضا الجمهور بصفة كبيرة وكانت محتوياتها وطنية محلية (سياسة القرب في الإعلام).
وقال وزير الثقافة والشباب والرياضة، في النشرة ذاتها، إن مشروع هيكلة القطب العمومي، جاء في إطار التحولات التي سجلها قطاع السمعي البصري بسبب جائحة «كوفيد 19»، حيث «وقع نوع من التصالح بين المواطن المغربي والإعلام العمومي»، موضحا أن إحدى الدراسات اشارت إلى أنه بالرغم من 99.7 في المئة من العائلات لديها إمكانية الوصول إلى أكثر من 1200 قناة، إلا أن 90 في المائة من المواطنين المغاربة كانوا يبحثون عن المعلومة في قنوات القطب العمومي.
و استحضر الوزير في سياق حديثه عن هيكلة القطب العمومي، عولمة العرض السمعي البصري الكبير و الواسع، بما فيه من مكون التحول الرقمي وتجزئة الجمهور، مبرزا أن منصة اليوتوب يستعملها مليارا (2) شخص، كما أن أكثر من 3/4 من المائة في الفيديوهات التي يشاهدونها الناس لا يبحثون عنها، بل منصة اليوتوب هي التي تقترحها عليهم ( تقدم من قبل خوارزمية)، .
ونبه عثمان الفردوس في عرضه «اليوم عندنا 15 مليون من المغاربة يستعلمون موقع تبادل الصور الأنستغرام، وأكثر من 84 في المائة يستعملون الواتساب، وهذا العالم المتغير- يضيف- يوازيه انخفاض سوق الإشهار بالنسبة للتلفزة، وانخفاض الموارد الإشهارية بدأ في العالم في 2014 وبدأ في المغرب في 2016، وقد أشار تقرير في هذا الصدد إلى الانخفاض المستمر للدعم وتراجع عائدات الإعلانات بالنسبة للقناة الثانية على سبيل المثال، حيث عرف رقم معاملاتها سنة 2020 انخفاضا بنسبة 20 % مقارنة مع سنة 2019 ، وبلغ حجم مديونيتها البنكية 190 مليون درهم بزيادة 56 مليون درهم عن السقف المسموح به،موضحا أن هذا الانخفاض هو الذي دفع إلى التفكير في هذا المشروع الجديد المتعلق بهيكلة القطب العمومي، وهو ما أشار إليه الملك محمد السادس في خطاب العرش لسنة 2021، حيث أعطى فيه الملك تعليمات واضحة من أجل تنزيل إصلاح القطاب العمومي الذي تم الحديث عنه منذ سنوات، حيث قال « باشرنا ورشا إصلاحيا طموحا، أتاح إعادة هيكلة القطب الإعلامي العمومي، بمختلف روافده، وتأهيل موارده البشرية، وتنويع عروضه، وتحسين مضامينه، وتحرير الفضاء السمعي البصري الوطني، وفتحه أمام المبادرة الخاصة.»
وعلى هذا المستوى، ستتم هيكلة القطب العمومي – حسب تقرير الجهاز الوصي- وفقًا منطق الجمع بين «الشركة الوطنية للإذاعة و التلفزة» و «صورياد دوزيم» و «ميدي 1 تي في» يسمح لمساهم الدولة بإدارة ممتلكاته بشكل استراتيجي وفقًا لرؤية متكاملة من خلال ثلاث مراحل : المرحلة الأولى : عملية «أكورديون» على رأسمال «صورياد دوزيم» و»ميدي1 تي في»، المرحلة الثانية دمج «راديو ميدي1» و «ريجي3» (فرعها بنسبة 100/100) في القطاع العام بعد التقييم من قبل خبراء مستقلين، و المرحلة الثالثة و الأخيرة إطلاق اسم تجاري جديد «SNRT» القابضة (هولدينغ) مع شركات مهنية وذلك من أجل تحقيق الأهداف المتمثلة في صنع منتوج أفضل من خلال التحسين المستمر، التركيز على إعلام القرب و المحتوى المحلي، تسريع التحول الرقمي والتقارب التكنولوجي، الحفاظ على تمويل القطاع السمعي البصري الوطني وترشيد تدخل الدولة لتجديد راس المال.


الكاتب : جمال الملحاني

  

بتاريخ : 31/05/2021