في الذكرى الأربعينية لوفاة المقاوم مولاي سلمى إسماعيلي ولد سيدي مولود

إجماع على وطنية هذا المجاهد الفذ ووحدويته وغيرته على وطنه

 

أجمعت كل الشهادات التي قدمت في الذكرى الأربعينية لوفاة المرحوم المقاوم مولاي سلمى اسماعيلي ولد سيدي مولود ، الذي توفي يوم 26 يناير 2024 ، على وحدوية الرجل، بخوضه عدة معارك ضد الاستعمار الفرنسي والإسباني وبانخراطه المبكر ضمن قادة جيش التحرير وقيادته إحدى فرقه ضمن المقاطعة التاسعة بتافودارت وأحد أبطال معركة الدشيرة.
وفي شهادة مصطفى الكثيري المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، اعتبره مقاوما جسورا ووطنيا غيورا و وحدويا ومجاهدا فذا ، أفنى شبابه وزهرة عمره في ميادين النضال الوطني وفي مواجهة الاحتلال الأجنبي بروح عالية  وبعزم وحزم وثبات، ذودا عن حمى الوطن وحياضه وحوزته.
وأكد على المكانة الرفيعة التي كان يحظى بها المرحوم مولاي سلمى إسماعيلي ولد سيدي مولود في وطنه الذي فقد فيه أحد رجالاته الأوفياء المخلصين، ومواقفه الشهمة وإنجازاته المبرورة في معترك المقاومة والكفاح الوطني في تلك الحقبة التاريخية العصيبة، وفي تلك الظروف المريرة التي كان فيها إلى جانب رفاقه في الفداء قدوة حسنة ومثالا لشهامة المواطن المغربي في قوة تمسكه بوطنيته واستماتته في الدفاع عن وحدة وطنه وحماية ترابه وصيانة مقدساته، فكان مثالا للمجاهد الصابر المثابر الذي يتلمس القوة من جوانب الضعف ، وكان من الذين هبوا للذود عن حمى الوطن وعزته وكرامته بكل ما أوتي من قوة وإرادة وعزيمة وفي شتى الواجهات والساحات لا يبتغي جاها ولا ثراء، فتألق نجمه وعلا اسمه، وكان مثالا للتضحية والفداء والإيثار ونكران الذات، وعنوانا ساطعا في البرور والوفاء ومكارم الأخلاق .
وفي شهادة عبد الهادي مزراري، كاتب عام منظمة غوث الصحراويين في مخيمات تندوف في حق المرحوم، اعتبره رجلا وطنيا وتاريخيا ترك بصمات في مسيرة الوطن، ومن أسرة مقاومة وأحد أعمدة ربوع الصحراء المغربية، ساند ودعم المقاومة وقاوم الاحتلالين الفرنسي والإسباني.
وأضاف أنه كان يمثل الضوء الأحمر لمنع المرور في وجه أي محاولة للبوليساريو في تسوية الخريطة السكانية .
ولد مولاي سلمى إسماعيلي ولد سيدي مولود بحاضرة السمارة سنة 1927، والده سيدي مولود بن مولاي ابراهيم الذي كان فقيها من فقهاء الصحراء، ووالدته للا مريم بنت سيدي عبد الله ، نشأ في رحاب قبائل الصحراء المغربية، تشبع منذ صباه بمقومات الأصالة والتراث الحضاري والإنساني المغربي، من الملتحقين الأوائل بالعمل الوطني وخاض في ريعان شبابه بمسقط رأسه غمار المواجهة والتصدي لقوات المستعمر الغاشم، لم يمنعه شغله في فترة الاستعمار الإسباني لمنصب شيخ قبيلة الرقيبات – البيهات – أهل سيدي عبد الله موسى أهل إسماعيل، من تلبية نداء الواجب الوطني، فالتحق سنة 1956حاملا بندقية ( موسكوتو) بأفراد جيش التحرير بالصحراء المغربية ضمن المقاطعة التاسعة بمركز الرغيوة تحت إمرة المقاوم صالح بنعسو، وخاض مع أعضاء فرقته غمار عدة مواجهات ونزالات ضارية نذكر منها معارك الدشيرة وتافودارت والشيمام وفم الحول و معركة تكل، المعركة المشهورة، وهي أهم المعارك التي خاضها جيش التحرير قرب مدينة أطار ضد الجيش الفرنسي، حيث أصيب فيها المقاوم مولاي سلمى ولد سيدي مولود بكسر على مستوى الفخذ وظل رابضا في ميدان المعركة مع الشهداء والجرحى لمدة خمسة أيام، ليتم نقله بطائرة إسبانية إلى مدينة طانطان ومنها بسيارة إسعاف إسبانية إلى وادي درعة حيث تسلمه جيش التحرير، وتم نقله بسيارة تابعة لجيش التحرير إلى جبل أندجا شمال مدينة كلميم و منه إلى المستشفى بالمدينة، حيث أجريت عليه مجموعة من العمليات الجراحية لنزع بقايا الشظايا وتقويم العظام، وعندما تماثل للشفاء، توجه رفقة مجموعة من شيوخ وأعيان القبائل الصحراوية إلى الرباط لتقديم البيعة إلى جلالة المغفور له الملك محمد الخامس، فاستحق عن جدارة إشادة وتنويه رؤسائه ورفاقه في الكفاح، لما أبان عنه من روح وطنية وصمود في ساحة الشرف.
بعد إجلاء القوات الاستعمارية عن الصحراء المغربية، كان مولاي سلمى إسماعيلي ولد سيدي مولود أول من استقبل الإدارة المغربية بمدينة السمارة، وكان خير دليل للقوات المسلحة الملكية في معاركها المقدسة صونا للوحدة الترابية للمملكة مبرهنا عن استماتة فائقة في الدفاع عن حوزة البلاد ووحدتها الترابية، كما شارك في عدد من المعارك البطولية التي خاضتها وتألقت فيها القوات المسلحة الملكية الباسلة في مواجهة أعداء الوحدة الترابية لبلادنا .
أدى، رحمه الله، ثمن وفائه وولائه للمقدسات الدينية والثوابت الوطنية بسقوط قذيفة على منزله بالسمارة في 6 أكتوبر 1979 جرح فيها على مستوى رأسه واستشهدت على إثرها اثنتان من بناته ( البتول بنت سلمى ولد سيدي مولود والمعلومة بنت سلمى ولد سيدي مولود ) وأيضا اثنان من أقربائه ( المعلومة بنت الشيخ وأخوها الشيخ ولد الشيخ )، واختطفت عائلته المتكونة من الأم توفة العربي وخمسة من أبنائه ( محمد الشيخ سلمى، مصطفى سلمى، فالة سلمى، الحافظ سلمى و محمد الأمين سلمى )، ولم تزده هذه المأساة إلا إصرارا وعزيمة وحماسا في الدفاع عن القضية الوطنية.
انتخب شيخا لقبيلته ضمن كوكبة جليلة من شيوخ القبائل الصحراوية، وتدرج في مناصب المسؤولية . كما شارك في عملية تحديد الهوية دفاعا عن حوزة الوطن وحياضه ضد من يفتعلون القضايا الوهمية، وواصل عمله الوطني من خلال مساندته لنجله مصطفى سلمى ولد سيدي مولود المؤيد لمقترح الحكم الذاتي في المحافل الدولية.
كما كانت هناك شهادات العديد من المقاومين وشريط فيديو عن المرحوم إضافة إلى شهادة أسرة المرحوم التي ألقت باسمها ابنته فاطمة كلمة في حق والدها وشكرت كل من واسى العائلة في وفاة والدها ومن وقف في محنة مرضه، وبالخصوص والي جهة العيون الساقية الحمراء وعامل إقليم السمارة .
وختمت ابنة المرحوم كلمتها بالكشف عن إطلاق اسم المرحوم مولاي سلمى إسماعيلي ولد سيدي مولود على الكلية المتعددة الاختصاصات.


الكاتب : م. الإدريسي

  

بتاريخ : 02/03/2024