لأسباب «مادية» و «تدبيرية» وغيرها : «وقف التنفيذ» يطال مستفيدين من تعميم التغطية الصحية حتى إشعار آخر

دخل قرار تعميم التغطية الصحية حيز التنفيذ منذ فاتح دجنبر 2022، وأصبح بموجب هاته الخطوة بإمكان المعنيين بهذا النظام، الملتحقين من «راميد» والجدد، التوجه صوب المؤسسات الصحية والاستشفائية والأطباء، سواء في القطاع العام أو الخاص، من أجل الاستفادة من الخدمات الصحية المختلفة، التي قد يتم التكفل بمصاريفها من طرف مؤسسة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي إما كاملة أو جزئيا، والتي قد تكون مجانا بالنسبة للفقراء ومن يعانون من هشاشة اجتماعية واقتصادية تجعلهم معفيين من أداء الانخراط للاستفادة من نظام «أمو تضامن»، أو من خلال اشتراك شهري يسدده من يتوفرون على أنشطة حرفية وتجارية وغيرها.
وإذا كان بعض المستفيدين قد لمسوا فعلا آثار التغطية الصحية، الجزئية منها أو الكاملة، فإن آخرين لا يزالون محرومين منها، بفعل إشكالات إدارية عطّلت وفرملت انخراطهم، ويتعلق الأمر بمواطنين كانوا ينتمون لنظام «راميد» قبل أن يجدوا أنفسهم ودون تقديم توضحيات ومبررات، وفقا لتصريحات عدد ممن التقتهم «الاتحاد الاشتراكي»، ينتمون إلى الفئة التي يتعيّن عليها أن تسدّد واجبات الاشتراك للاستفادة من «أمو»، رغم عوزهم وفقرهم، لأن التنقيط «أسقطهم» من اللائحة بفواصل رقمية صغيرة جدا.
المتضررون الذين تواصلوا مع الجريدة، أكدوا على أن محنتهم لم تقف عند حدود «طردهم» من النظام السابق، بل امتدت تفاصيلها واشتدت قساوتها أكثر حين تعذر عليها أجرأة خطوة الاشتراك، في ظل غياب الآليات التي تمكّنهم من ذلك. وأكد عدد من المعنيين لـ «الاتحاد الاشتراكي» في هذا الإطار، على أنهم طرقوا أبواب مصالح تابعة للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بحثا عن أجوبة ترشدهم وتدلّهم على كيفية الأداء لكي يستفيدوا، خاصة وأن منهم من يعانون من أمراض ثقيلة كما هو الحال بالنسبة لأمراض السرطان، لكنهم لم يجدوا أجوبة شافية تبدد اللبس والغموض والتيه الذي يعيشونه بسبب هذا المشكل، مشددين على أن مستخدمين في المؤسسة هم أنفسهم لا يتوفرون على المعلومات كاملة، مما يطرح أكثر من علامة استفهام حول مصير هذه الفئة وكيفية تمكينهم من هذا الحق ووقف تأخير استفادتهم، وهو الوضع الذي يدعو إدارة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي للتدخل من أجل الإخبار والتواصل بشأن هذه النقطة وكل النقط التي تؤرق بال المواطنين المعنيين بهذه التغطية الصحية.
وفي السياق ذاته، عبّر عدد من المواطنين عن امتعاضهم من «فرض» شرط الاشتراك عليهم للاستفادة من خدمات التغطية الصحية، كما هو الحال بالنسبة لأشخاص تم تصنيفهم على أساس أنهم يشتغلون في المجال الفلاحي نموذجا، إضافة إلى تصنيفات ذات طابع «يومي» أخرى، وهو ما جعلهم تلقائيا يصنّفون ضمن خانة أخرى، والحال يؤكد عدد من المتضررين أنهم يعانون الفقر والهشاشة وليست لهم أية إمكانيات مادية للانخراط في هذا النظام الذي يطالبون بأن يستفيدوا منه مجانا.
إشكالات عديدة، جعلت مجموعة ليست بالهيّنة من المواطنين، الذين منهم من ظل يترقّب دخول قرار تعميم التغطية الصحية بفارغ الصبر من أجل الولوج إلى الصحة بعيدا عن كل القيود والإكراهات المادية منها والمعنوية، لا يستفيدون منها بسبب «وقف التنفيذ»، وهي المشاكل التي تتعدد أوجهها، ومنها ما أشرنا إليه، إلى جانب أخرى، كحالات لمواطنات وجدن أنفسهن محرومات من استرجاع المصاريف المستردّة عن ملفات مرضية، إذ بالرغم من أنها تظهر على سجلات الصندوق المعلوماتية فإنها لم تجد طريقها إلى وكالات البريد بنك، رغم أن معالجتها تمت منذ أشهر، وهو ما أقلق الكثير من المعنيات والمعنيين، الذين التقت «الاتحاد الاشتراكي» ببعضهم وهم يشتكون على مستوى وكالة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي الفداء بـ «درب المنجرة» في الدارالبيضاء نموذجا، الذين وجدوا أنفسهم كالكرة يتم تقاذفها ما بين «الصندوق» و «البريد» بعيدا عن التحلي بحس المسؤولية، وفي غياب تواصل يحترم الآدمية والكرامة ويخفف من أعباء المرض وثقل الهشاشة الاجتماعية على المرضى؟
تعامل على مستوى هاته الوكالة، وقفت «الاتحاد الاشتراكي» على نماذج عديدة من تفاصيله المؤلمة، البعيدة عن كلّ حس يرتبط بالإصلاح الإداري، والمرتبطة بملفات أرامل ومتقاعدين، الذين وجد عدد منهم أنفسهم مضطرين لتغيير بطاقات البريد للحصول على «المعاش» الذي لا يغني ولا يسمن من جوع، ورغم ذلك تعثر تسليمه لهم، مما جعلهم يحتجون على مطالبتهم المتكررة بالذهاب والرجوع والتنقل ما بين الوكالة ووكالة البريد القريبة منها، دون أخذ بعين الاعتبار لشيخوختهم وأمراضهم، مما يتطلب أنسنة فعلية لهذه المرافق ذات الصبغة الاجتماعية التي يتوافد عليها مسنوّن ومسنّات ومرضى، هم في حاجة إلى من يأخذ بيدهم ويهتم بهم ويخفف عنهم متاعبهم لا إلى من يزيد من حجمها ومن تبعاتها عليهم!


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 05/06/2023