مفهوم «إشعاع هوكينج» : علماء هولنديون يتمكنون من تكوين نظير للثقب الأسود في مختبر علمي!

يمكن لنوع جديد من «التناظرية» لشكل لثقب الأسود، أن يخبرنا بنقطة أو إثنتين عن الإشعاع البعيد المنبعث نظريا من الشيء الحقيقي.. و بإستخدام سلسلة من الذرات لمحاكاة أفق الحدث للثقب الأسود، لاحظ فريق من الفيزيائيين ما يعادل ما نسميه «إشعاع هوكينج» (الجسيمات الناتجة عن إضطرابات في التقلبات الكمومية الناجمة عن كسر الثقب الأسود في الزمكان).
و يذكر الفيزيائيون، إن هذا يمكن أن يساعد في حل التوتر بين إطارين لا يمكن التوفيق بينهما حاليا لوصف الكون: النظرية النسبية العامة ، التي تصف سلوك الجاذبية كحقل مستمر يعرف باسم الزمكان ؛ وميكانيكا الكم، التي تصف سلوك الجسيمات المنفصلة باستخدام رياضيات الاحتمالات. من أجل نظرية موحدة للجاذبية الكمومية يمكن تطبيقها عالميا ، تحتاج هاتان النظريتان غير القابلتين للإمتزاج إلى إيجاد طريقة للتوافق بطريقة أو بأخرى.
يمكن وصف الثقوب السوداء ب»أغرب الأجسام وأكثرها تطرفا في الكون».،هذه الأجسام الضخمة كثيفة بشكل لا يصدق لدرجة أنه (على مسافة معينة) من مركز كتلة الثقب الأسود، لا توجد سرعة في الكون كافية للهروب منها و لا حتى بالإنتقال بسرعة الضوء !. تسمى هذه المسافة، التي تختلف تبعا لكتلة الثقب الأسود ب»أفق الحدث»، إذ و بمجرد أن يعبر كائن ما حدود الثقب، لا يعود قادرا على العودة. في عام 1974، إقترح «ستيفن هوكينج» أن «إنقطاع التقلبات الكمومية الناجمة عن أفق الحدث يؤدي إلى نوع من الإشعاع يشبه إلى حد كبير الإشعاع الحراري’.
لهذا، إذا كان مفهوم «إشعاع هوكينج» موجودا حقا، فهو يبدوا مبهما للغاية بالنسبة لنا لإكتشافه حتى الآن، لكن يمكننا التحقيق في خصائصه عن طريق إنشاء «نظائر الثقب الأسود» في المختبر (تجربة علمية ليست بالجديدة) حيث تم ذلك من قبل.. إلا أن ما قام فريق بقيادة «لوت ميرتنز» من «جامعة أمستردام» في «هولندا» بشيء جديد، عبر إستغلال سلسلة من الذرات أحادية البعد لتكون مسار للإلكترونات «للتنقل» من موقع إلى آخر، و من خلال ضبط المستوى الذي يمكن أن يحدث به هذا التنقل، يمكن للفيزيائيين أن يتسببوا في إختفاء خصائص معينة، مما يخلق بشكل فعال نوعا من «أفق الحدث» الذي يتداخل مع طبيعة الحركة لتأخذ شكل «الموجة» للإلكترونات.
و قال الفريق الهولندي، أن تأثير «أفق الحدث» المزيف هذا، أنتج إرتفاعا في درجة الحرارة يتطابق مع التوقعات النظرية لنظام «ثقب أسود مكافئ»، و فقط عندما يمتد جزء من السلسلة إلى ما وراء أفق الحدث، إذ قد يعني هذا أن تشابك الجسيمات التي تمتد عبر أفق الحدث أمر أساسي في توليد «إشعاع هوكينج»، حيث بدات التجربة بمحاكاة شكل من اشكال الزمكان يعتبر «مسطحا»، ما ادى بهم إلى الإعتقاد بأن إشعاع هوكينج قد يكون حراريا فقط ضمن مجموعة من المواقف، أو عندما يكون هناك تغيير في «إعوجاج الزمكان» بسبب الجاذبية.
من غير الواضح (إلى الآن) ما ستعنيه نتيجة التجربة بالنسبة لل»جاذبية الكمومية»، إلا أن النموذج العلمي الحديث للفريق الهولندي يقدم طريقة ل»دراسة ظهور إشعاع هوكينج في بيئة لا تتأثر بالديناميكيات المؤدية لتشكيل ثقب أسود».. في نفس السياق، يمكن إستخدام نتائج التجربة في مجموعة واسعة من الإعدادات التجريبية، و كما قال الباحثون : «يمكن أن يفتح لنا هذا النجاح العلمي، مجالا لإستكشاف الجوانب الميكانيكية الكمومية الأساسية إلى جانب الجاذبية و الزمكان المنحني في مختلف إعدادات المادة المكثفة».


الكاتب : ترجمة : المهدي المقدمي / عن : «Science alert»

  

بتاريخ : 29/11/2022