الحاجة لانتقال اتحادي-اتحادي

نوفل البعمري

سينظم الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية مؤتمره 12 بتاريخ 28/29/30 يناير 2022، وهو المؤتمر الذي يحمل رهانات سياسية وتنظيمية داخلية قوية، وفي وضع يُثار فيه من جديد سؤال مستقبل هذا الحزب التاريخي الذي لعب كامل أدواره السياسية في مختلف فترات التحولات الكبرى التي تطلبها المغرب.
وإذا كنتُ أسهم في النقاش الدائر حاليا، فهو إسهام فيه احترام تام لكل الجهد والعمل الذي تم القيام به في التحضير للمؤتمر، وموقعي لا يسمح لي بالتعليق على قضايا ذات شأن داخلي صرف، بل ما يمكن القيام به هو المساهمة في النقاش العام الذي أُثير حول المؤتمر وحول القيادة التي سيتم انتخابها، وهي متجهة نحو تجديد الثقة في الكاتب الأول الحالي ذ. إدريس لشكر، وفقا للتغييرات التي تم القيام بها على مستوى القانون الداخلي وفقا للقنوات التنظيمية الداخلية.
موضوعيا وبدون أي حساب سياسي أو تنظيمي مع هذه القيادة بمن فيها الكاتب الأول، فما يعيشه الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، اليوم، وفي قراءة مجردة لمساره، من وضع تنظيمي مهما اختلفت التقديرات حوله، لا يمكن فصلها عن السياق الذي عاشه الحزب منذ المؤتمر الخامس سنة 1989، الذي استمر تدبيره لأكثر من عشرين سنة بقيادة انتقالية لحين انعقاد المؤتمر السادس سنة 2001، قيادة تتأسس مشروعيتها على ما قدمته من تضحيات من أجل الاستقلال، ثم بعدها من أجل الديموقراطية وصولا لمرحلة التناوب التوافقي، الذي حضرت فيه روح المشروعية التاريخية.
إن الاتحادالاشتراكي للقوات الشعبية الذي قاد مهمة الانتقال الديموقراطي بنكران للذات، وبتضحيات كبيرة قدمها مستحضرا مقولة الفقيد عبد الرحيم بوعبيد «إذا خيرت بين الوطن والحزب،اخترت الوطن»، والقيادة التاريخية التي قادها الفقيد عبد الرحمن اليوسفي، رحمة الله عليه، كانت تنطلق من روح هذه العقيدة الوطنية التي أطرت خطوتها السياسية الكبيرة التي قامت بها في سبيل المساهمة في انتقال سلس للعرش، وتصفية تركة الماضي الحقوقية والقيام بمهمة الإصلاح التي كانت تتطلبها المرحلة لإنقاذ المغرب من السكتة القلبية التي كانت تهدده على حد تعبير المغفور له الحسن الثاني.
مهمة الانتقال السياسي، التي قادها الحزب وطنيا، لم تمتد على المستوى التنظيمي الداخلي، إذ أن سؤال الانتقال التنظيمي السلس من المشروعية التاريخية إلى الديموقراطية تم القيام به أحيانا بشكل «عنيف»، وهو ما خلق في فترات سابقة أجواء من الصراع التنظيمي لم تسعف الحزب للقيام بمهمته التنظيمية، التي كانت تتطلبها المرحلة منذ المؤتمر السابع، لهذا يمكن التساؤل بوضوح، هل القيادة الحالية تتحمل مسؤولية هذا المسار الذي شهد في فترات معينة اصطداما تنظيميا خطيرا بات يهدد الحزب ككل بالانتحار الجماعي، على حد تعبير الأستاذ عبد الواحد الراضي؟!!
ما يُحسب للقيادة الحالية، ونحن نلاحظ بعين المراقب كيف اختفت أحزاب تاريخية عاشت نفس الهزات التي عاشها الاتحاد الاشتراكي، ليس في المغرب، فقط، بل في عدة دول حتى باتت تنتمي للتاريخ ولم يعد لها أي وجود تنظيمي أوامتداد في الشارع، ويمكن مراجعة تجربة الأحزاب الشيوعية والماركسية في أوروبا التي اختفت من الوجود رغم القوة التي عاشتها في السبعينيات والثمانينيات، أن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية حافظ على تواجده وحضوره ببرغماتية سياسية مشروعة، لا يمكن تجريمها، هذا الحضور الذي استمر في عدة مستويات خلال العشر سنوات الأخيرة، رغم ما عاشه الحزب من صراع داخلي، وهو حضور يُحسب لهذه القيادة.
إن الحلقة المفتقدة في مسار الاتحاد الاشتراكي، التي تعود لسنة 2002، هي حلقة ضمان القيام بمهمة الانتقال التنظيمي السلس من المشروعية التاريخية للمشروعية الديموقراطية، وهي مرحلة ابتدأت بشكل محتشم مع القيادة الحالية، ويجب أن تتعزز مستقبلا، وستكون تلك مهمة الأستاذ إدريس لشكر، الذي يتجه نحو إعادة انتخابه، مهمة استكمال مهام هذا الانتقال الداخلي من وضع تنظيمي لآخر، ومن مشروعية لأخرى ومن حالة عامة لأخرى، هذه ستكون مهمته التاريخية التي عليه إنجازها في المرحلة المقبلة مادام أن هناك حاجة لاستمراره في مهمته ككاتب أول، ومادام أن هذا المطلب أصبح، على حد تعبير الصديق حميد جماهري، مطلبا اتحاديا، هذا المطلب الذي يحتاج لربطه بهذه المهمة.
الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، مهما اختلفت تقييماتنا الذاتية له، ومهما اختلفت مساراتنا معه، هو حزب يحتاجه المغرب قويا ليحافظ على التوازن في المشهد العام كحزب اشتراكي ديموقراطي.

الكاتب : نوفل البعمري - بتاريخ : 28/01/2022

التعليقات مغلقة.