الجزائر من ديبلوماسية الشيكات والقروض إلى ديبلوماسية الغاز بهدف التآمر على المغرب

حيمري البشير

الجزائر، البلد الجار المسلم يجوع شعبه الذي يقف طوابير بحثا عن كيس حليب وقارورة غاز ومواد أخرى، تبذل المستحل للتآمرعلى المغرب بكل الوسائل، وحتى مع أعداء شعبها، فرنسا التي حكمتها بيد من حديد خلال 130عاما، وقتلت أبناءها وأهانتهم عبر التاريخ، تقدم لها الغاز بأسعار تفضيلية بغية الانضمام لحلف التآمر على المغرب.
فرنسا التي وجه رئيسها إهانات للجزائر» العظمى» التي اعتبرها بدون تاريخ لأنها كانت تحت الحكم العثماني لمدة ثلاثة قرون، واستعمرتها فرنسا بعد الحكم العثماني لمدة130 سنة، يبدو لي أن النظام في الجزائر طوى الصفحة مع ماكرون الذي رفض الاعتذار عن تصريحاته التي اعتبرها الجزائريون إهانة كبيرة لايمكن السكوت عنها، لكنهم مقابل ذلك طلبوا من ماكرون تغيير مواقف فرنسا من قضية الصحراء وعدم الخضوع لضغوط المملكة المغربية. وبذلك أصبحت علاقات فرنسا بالجزائر سمنا على عسل في الآونة الأخيرة، وكانت نقطة البداية التي أفاضت الكأس القرار الصادر في البرلمان الأوروبي، والذي كان من ورائه الاشتراكيون في العديد من الدول من دون الإسبان. بالإضافة إلى نواب حزب الرئيس الفرنسي ماكرون ولوبي فرنسي، موال للجزائر، وحزب «بوديموس».
ماكرون، رئيس فرنسا في عهدته الثانية والأخيرة، لن يترك الفرصة وهو على رأس الاتحاد الأوروبي من دون أن يحاول تركيع المغرب الذي أجهز على مصالحه الاقتصادية في إفريقيا وفي دول الساحل، الذين خرجوا في مظاهرات وطالبوا برحيل القوات الفرنسية، والتوتر الذي تعرفه العلاقات الفرنسية المغربية، له ارتباط بالتغلل المغربي في إفريقيا والمنافسة المغربية في مجال المال والأعمال والمصالح الاقتصادية بصفة عامة، بتواجد عدة أبناك مغربية في العديد من الدول الإفريقية، فرنسا فقدت الكثير من مصالحها في القارة السمراء، بالاستراتيجية التي نهجها المغرب منذ أكثر من عشرين سنة، وأصبحت مضطرة للحفاظ على مصالحها بالانخراط في مسلسل العداء ضد المغرب، والذي تقوده الجزائر، وبذلك تسعى بتشبثها بموقفها الضبابي من قضية الصحراء، إلى تقديم خدمة كبيرة للنظام في الجزائر الذي تراجع عن مطلب تقديم فرنسا لاعتذار رسمي.
مايجري من تحولات في المنطقة في العلاقات الجزائرية الفرنسية والعلاقات الجزائرية الإيطالية، له ارتباط بالأزمة التي تعرفها أوروبا باستمرار الحرب الروسية الأوكرانية وحاجة أوروبا للغاز الجزائري بعد قطع غاز روسيا، الحليف الاستراتيجي للجزائر وأكبر داعم لها بالسلاح، الذي سوف ينزعج من دون شك مما تقدمه الجزائر لخصومها الذين يسابقون الزمن لإنهاء الحرب الدائرة لصالحهم بتقديم المزيد من السلاح لأوكرانيا .ونطرح تساؤلات عديدة حول التطورات التي تعرفها أوروبا وشمال إفريقيا: ماذا حمل شنقريحة لماكرون في زيارته لفرنسا، هل قدم له ضمانات بدعم بقاء القوات الفرنسية في منطقة الساحل، التي دخلتها كذلك قوات «الفاغنر»، ولاقت قبولا جماهيريا ورسميا، هل ستقبل روسيا بالخدمة التي قدمها شنقريحة في طبق من ذهب لفرنسا في الوقت الذي فقدت كل أمل في الحفاظ على مصالحها وبقائها في المنطقة؟ هل ستقبل روسيا بالتنازلات الكبيرة التي قدمتها الجزائر لفرنسا التي تعتبرها روسيا خصما عنيدا لها قد يرتقي لمرتبة العدو ؟ ماذا سيحمل سرجي لافروف في زيارته للمغرب، ومهما كانت الأجندة التي يشتغل عليها بمعية وزير الخارجية المغربي، فإن هذه الزيارة يجب أن يستغلها المغرب لإخراج إلى الوجود مشروع المحطة النووية التي ستبنيها روسيا في المغرب.
وقبل أن أختم لابد من العودة للتوتر الذي عرفته العلاقات المغربية مع دول الاتحاد الأوروبي بسبب قرار غير ملزم يتعلق بانتقاد نواب ينتمون لبلجيكا وحزب» بوديموس» الإسباني، ونواب آخرين ينتمون لحزب ماكرون، ودول أخرى كالنمسا مثلا، في استمرار اعتقالات الصحفيين في المغرب، في حين يغضون الطرف عن انتهاكات جسيمة تقع في الجزائر ومناطق أخرى. والحرب المسعورة التي يشنها النواب الأوروبيون على المغرب، يعتبرها المحللون السياسيون سباقا محموما لزعزعة استقرار المغرب وصراعا جيوستراتيجيا دخلت على الخط فيه دول كثيرة نظرا للموقع الاستراتيجي الذي يحتله المغرب، ومسيرة التنمية التي يعرفها .
يجب أن يعلم المتآمرون على المغرب أن حيطه ليس قصيرا وأن القضية التي تجمع المغاربة ويلتفون حولها هي الصحراء المغربية. لقد توضحت الصورة وأهداف البرلمان الأوروبي، ولعل المبادرة التي قام بها البرلمان العربي ودعمه الكبير للمغرب ومطالبته بعدم التدخل في شؤونه الداخلية، رسالة واضحة للاتحاد الأوروبي .
علاقات المغرب ستتأثر، دون شك، بوقف كل اللقاءات التي كانت مرتقبة، وتعليق كل تعاون، وهذا سيلقي بظلاله على الجانبين معا، التوتر مستمر على أعلى مستوى، والمغرب لن يرضخ للضغوط الممارسة عليه، وستزداد، دون شك، عن طريق لوبيات جندتها الجزائر لابتزاز المغرب والضغط عليه لانتزاع انتصارات ديبلوماسية بعد الهزائم التي تكبدتها في قضية الصحراء، التي لا يريد تبون التنازل عنها ويصرف مزيدا من أموال الشعب الجزائري لدعم جبهة البوليساريو الانفصالية.

الكاتب : حيمري البشير - بتاريخ : 27/01/2023

التعليقات مغلقة.