مبادئ الحكامة في الإدارة التربوية

خليل البخاري(*)

شهد العالم عديدا من المتغيرات في مختلف المجالات، رافقت الثورة التكنولوجية إلى ميلاد مرحلة جديدة اتسمت بالتبادل السريع للمعلومات والمعارف عبر شبكات التواصل الاجتماعي.
تنتج عن هذه الثورة المعلوماتية، اهتمام مكثف بالموارد البشرية وتنميتها واستثمار مؤهلاتها وقدراتها، كما شهدت الأنظمة التربوية بدورها تحولات عميقة في الأنماط الإدارية لبلوغ الجودة في أداء المؤسسة التربوية.
إن فاعلية الإدارة المدرسية تتحدد في نظري بفاعلية مديرها، لأنه هو المحرك والقائد البيداغوجي والموجه لكل العناصر والإمكانيات المتوفرة في المؤسسة التعليمية. فقدرة الإدارة المدرسية تتوقف على كفاءة وقدرة مديرها الذي أصبح ينظر إليه كقائد تربوي يقود عناصر العملية التعليمية قيادة حكيمة بشراكة مع مجلس التدبير وجمعية أمهات وٱباء وأولياء أمور التلاميذ والتلميذات.
إن الثورة التكنولوجية والمعلوماتية فرضت على الأنظمة التربوية تغيير ممارستها وإعادة التفكير بكل أنشطتها لربط التعليم بالتنمية وإعادة النظر في معايير الكفاية الداخلية لها بغية تحقيق أعلى درجات الكفاية الخارجية لهذه المنظومة التربوية من خلال تطور الأداء وتوفير مخرجات ملائمة لسوق العمل ولمواجهة التحديات. على الأنشطة المدرسية الأخذ بمفاهيم قيادة إدارية جديدة تؤمن بالحكامة الرشيدة وبالشفافية والمشاركة واستثمار الموارد المادية والبشرية، فنجاح الإدارة المدرسية يرتبط بتنفيذ مبادئ الحكامة الرشيدة والتي تشرك جميع مكونات المجتمع المدرسي. فالحكامة تعني الممارسات التي تتم داخل المدرسة في جو ديمقراطي وتتضمن النزاهة والعدالة في التعامل بين مكونات المجتمع المدرسي .وتتبنى الحكامة الرشيدة مبادئ الالتزام بالقانون وبالشفافية والمساءلة وإتاحة الفرصة داخل المدرسة لحرية الرأي وممارسة الديمقراطية مما يتيح لأولياء الأمور المشاركة في العملية التعليمية وتوزيع المسؤوليات.
إن الإدارة المدرسية تحتاج إلى مجموعة من المبادئ من خلالها تصل الإدارة المدرسية إلى تحقيق أهدافها من خلال مفهوم الحكامة. ومن هذه المبادئ: المشاركة وتعني أن مدير المؤسسة التعليمية مطلوب منه أن يؤسس لعلاقة تشاركية تكاملية مع محيط المدرسة، فبدون مشاركة مجتمعية، لا تتحقق أهداف المؤسسة التعليمية. إن المدير الناجح هو ذاك الذي يشرك التلاميذ والتلميذات في قيادة المدرسة وتفعيل دور برلمان التلاميذ ومجالس الفصول الدراسية، لأن ذلك يشعر التلاميذ بأن انخراطهم ومشاركتهم يعملان على خلق قيادات المستقبل.
ومن مبادئ الحكامة كذلك المساءلة والشفافية، فالمساءلة بالمفهوم الإيجابي تعني تطبيق القانون الداخلي للمؤسسة التعليمية على الجميع دون تمييز إضافة إلى مبادئ العدالة والشمولية، بحيث يجب على كل العاملين بالمدرسة أن يشعروا بوجود عدالة في مجتمع المدرسة لأن العدالة والمساواة والبعد عن المحسوبية والزبونية يؤدي حتما إلى تحقيق أهداف المدرسة، وبالتالي يجب على المدير الناجح أن يوظف مبدأ العدالة والوضوح والشفافية ليستطيع تحقيق أهداف المدرسة من خلال رؤية ورسالة وخطة واضحة المعالم.
لابد لمؤسساتنا التعليمية أن تشجع مبدأ الحوار والعدالة والتعلم التعاوني الجماعي وربط المدرسة ببيئتها وإيجاد مدراء أكفاء مسؤولين ومؤهلين وقادرين على تدبير شؤون المدرسة بحكامة رشيدة وتهيئة الظروف المحيطة لجعل المدرسة تسير في الطريق الصحيح عوض الانكماش داخل المكاتب الإدارية وقراءة المذكرات وتصيد هفوات نساء ورجال التعليم والاستخبار عن وضعياتهم الاجتماعية وأنشطتهم الحزبية وانتماءاتهم النقابية والتبليغ بها للسلطات المحلية، وهي كلها سلوكيات لا يزال بعض مدراء المؤسسات التعليمية يمارسونها، وهي في الواقع تخدش صورة المدرسة والمدراء،  ولا تساعد على ضمان الاستقرار الاجتماعي داخل المؤسسة التعليمية.
فلضمان حكامة رشيدة بمؤسساتنا التعليمية، لابد من تنظيم دورات تكوينية وتداريب مستمرة لفائدة مدراء المؤسسات التعليمية خاصة الجدد تركز بالأساس على الدعم المهني لهم لتقديم الاستجابات المهنية وتحقيق الأهداف المنشودة.

(*)باحث تربوي

الكاتب : خليل البخاري(*) - بتاريخ : 20/01/2022

التعليقات مغلقة.