أشغال تنتهي دون إتمام وتمهد الطريق لبرمجة أخرى : الدارالبيضاء مدينة الألف حفرة وحفرة و«الأوراش» الدائمة

 

السير على إسفلت عدد من شوارع الدارالبيضاء لا يتميز بالانسيابية ولا يكون بالأمر الهيّن والسلس، فمستعمل الطريق، صاحب سيارة، أو سائق دراجة وغيرها من وسائل النقل المختلفة، يجد نفسه مضطرا للقيام بعشرات المناورات خلال «رحلة» واحدة، من المكتب إلى مقر العمل، أو إلى أية وجهة أخرى. سائقون يعترضهم يوميا كمّ كبير من الحفر ومن الفراغات على مستوى بالوعات غير مستوية مع الشارع، فيتفادون هذه ويسقطون في تلك، وقد يقدمون على مناورة غير محسوبة وتكون لها تبعات وخيمة، كأن تصطدم سيارة بغيرها، دون انتباه من سائق أحدهما أو كليهما، وقد تهوي من فوق قنطرة كما وقع في طريق أولاد زيان قبل أيام.
زنقة الأمير عبد القادر، أحد المسالك الرئيسية والشرايين المرورية الحيوية، يربط بين منطقة الحي المحمدي وبين شارع بن تاشفين المؤدي صوب وسط المدينة أو في اتجاه درب السلطان وغيره من الوجهات، شهد قبل مدة قصيرة أشغال تهيئة بمناسبة الاستعداد لافتتاح محطة القطار المسافرين في حلّتها الجديدة، فتمت إعادة ترصيفه وتعبيده، خلال مدة تم تعليق حركة السير به، قبل أن تنصرف الآليات والعمال إلى حال سبيلهم إعلانا بنهاية الأشغال، وفتح أبواب المحطة في وجه مرتاديها.
انتهت الأشغال لكن احتفظ الشارع بعدد من الاختلالات التي تطرح أكثر من علامة استفهام حول الكيفية التي تم بها «إطلاق سراح» المعدات والآليات، في ظل عدم إنجاز العمل على أكمل وجه، فبالوعات للصرف الصحي هي مرتفعة عن سطح الشارع، ومحيط أعمدة كهربائية ظل فارغا يتحول إلى بركة مائية متى تساقطت أمطار، وفراغات إسمنتية هنا وهناك، يصعب معها مرور راجل على الرصيف، ومواصلة راكب لطريقه دون التخفيف من السرعة للمرور فوق تلك الفراغات أو تفاديها؟
إنه حال أغلب شوارع مدينة الدارالبيضاء، مدينة الألف حفرة وحفرة، التي تنطلق بها الأشغال دون أن يتم إتمامها وفقا لدفاتر التحملات، وللشروط التقنية والعلمية المطلوبة، التي يمكن لأي راجل أو راكب أن يعاينها بالعين المجردة، ولا يتطلب ذلك دراية وإلماما بمجال التعمير للوقوف على حجم الفوضى العارمة، التي لا تريد أن تنتهي، ليس بسبب الأوراش الضرورية المفتوحة لخدمة البيضاويين والبيضاويات وزوار مدينة المال والأعمال، لأنه إذا كانت هناك من أوراش حقيقة تصب في هذا الجانب لقبلها الكل دون تلكؤ أو سخط، لكن الغاية الفعلية في الكثير منها هي مثار استفسار الجميع، الذين يتساءلون كيف «تنتهي» أشغال تعبيد طريق تكون تسر الناظرين، وما أن تمر بضعة أيام، حتى يشرع عمال في شقّ بطن هذا الشارع وذاك، تارة تحت مسمى إعداد وتغيير «الكابلات» التي لا ترتبط بجهة واحدة، إذ أن كل طرف يباشر الحفر كما يشاء، وتارة أخرى بعنوان «الماء والكهرباء»، فتتعدد المبررات والبقر واحد، ليصبح في نهاية المطاف الشارع عبارة عن فضاء مشوّه، تشقّه الأخاديد، متسببا في تدهور الحالة الميكانيكية لمختلف أنواع المركبات بمحركات، ومتسببا في جملة من الحوادث، ويتطلب عودة أخرى لـ «صيانته».
شوارع العاصمة الاقتصادية هي مورد «رزق» للبعض، ومصدر إلهام لطلب عروض الصفقات، والغريب، وفقا للمتتبعين للشأن المحلي البيضاوي، أنه ما أن تنتهي أشغال صفقة بهذا الشارع، حتى تطلق صفقة أخرى بعد مدة، تهمّ نفس الشارع، لإتمام و «إصلاح» ما خلّفه السابقون، وهو ما يطرح مرة أخرى أسئلة كبرى عن طبيعة هؤلاء السابقين، وعن اللاحقين، وعن المتلاعبين بمصير البيضاء والبيضاويين؟


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 01/05/2019