أَنَا الْبَدَوِيُّ

 

أَنَا الْبَدَوِيُّ
أَطْوِي طَرِيقَ الْحَيَاةِ بِذَاكِرَةِ الْحَنِين
تُرَافِقُنِي خَطَاطِيفُ الْعَشِيَّةِ الْمُتْرَعَةُ
بِعُزْلَةِ الْفِجَاج
دَهْشَةُ الْقُبَّرَاتِ مِنْ يَقْظَةِ الْأَقْدَام
فَرَحُ أُمِّي الَّذِي يُشَيِّعُنِي
إِلى كَتَاتِيبِ الْعَشِيرَةِ
نِدَاءُ أَبِي الَّذِي مَازَالَ يَسْكُنُ هَيْبَةَ الْجِبَال
تَلْوِيحَةُ الْحَبِيبَةِ الَّتِي تَرَكَتْنِي مُقِيماً
فِي مَنْفَى النِّسْيَان.
***********
أَنَا الْبَدَوِيُّ
تَعْرِفُنِي سِيرَةُ الظَّهِيرَة
أَنَّنِي كُنْتُ أُرْبِكُ خُطَطَ الْعَصَافِير
نَسَائِمَ شَجَرِ الْخَرُّوب
خَرِيرَ السَّوَاقِي فِي عِزِّ الْقَيْظ
ظِلَالَ الُبُيُوتِ النَّائِمَاتِ غَفْوَة
مِنْ قَيْلُولَةِ الْجَلَبَة
أُعَاشِرُ آيَائِلَ الْجِبَال
فِجَاجَ الْوِدْيَانِ النَّاسِكَةَ فِي الْبَهَاء
قَطِيعَ الْأَغْنَامِ النَّاعِمَ فِي غُيُومٍ عَابِرَة
***********
أَنَا الْبَدَويُّ
لِي بَيْتٌ مُشْرَعٌ عَلَى طَرِيقٍ يُسَيِّجُهُ الْهَدِيل
عَلَى جِبَالٍ تَحْرُسُ الْعَشِيرَةَ
مِنْ غَارَاتِ الْعَوَاصِف
عَلَى نَهْرٍ يَحْمِلُ وَشَلَ
لثُّلُوجِ وَدِيعَةً إِلَى الْبَحْرِ
عَلَى رَبْوَةٍ يَسْكُنُهَا الْمَغِيبُ كُلَّ غُرُوب

***********
أَنَا الْبَدَوِيُّ
لِي نَهَارَاتٌ تَلْهُو بِعَقَارِبِ الْوَقْت
تَلْقِي التَّحِيَّةَ عَلَى فَرَاغَاتٍ تُسَبِّحُ لِلْغُرَبَاء
تَلْتَحِفَ شُمُوسَ التَّارِيخِ
الْغابِرِ فِي مَخْطُوطِ الْجَاحِظ
وَتَنَامُ عَلَى أَسِرَّةِ النِّسْيَان
***********
أَنَا الْبَدَوِيُّ
لِي
لُغَةٌ تَقْضِمُ تُفَّاحَ الْمَجَازَات
كَرَزَ الاِسْتِعَارَات
عِنَبَ التَّشَابِيه
وتِينَ الْكِنَايَات
كَيْ أَرْتُقَ الْمَدَى بِإِبْرَةِ الْخَيَال
***********
أَنَا الْبَدَوِيُّ
لَا غَالِبَ سِوَى طُفُولَةٍ
تَسْرَحُ فِي مُرُوجِ الْيُتْم
وَعَلَى وَتَرٍ مَذْبُوحٍ بِأَنَّةِ الْأَصَابِع
تَرْقُصُ عَارِيَةً الْفَرَح
***********
أَنَا الْبَدَوِيُّ
أَرْعَى آذَارَ خُضْرَة
وَلِآذَارَ فِي شَفَتَيْكِ يَقْظَةُ الْأُقْحُوَان
فِي عَيْنَيْكِ أُغْرُودَةُ الْأَطْيَار
وَفِي كَفِّي نَارٌ
نُونٌ النَّارِ نَهْرٌ يَسْرِي بِالْحَيَاة
وَرَاءُ النَّار رَوْضَة الْأَسْحَار
وَمَا بَيْنَهُمَا
أَلِفُ الْأُلْفَةِ يَنْتَصِرُ لِعُزْلَاتِ الْبَيْلَسَان
***********
أَنَا الْبَدَوِيُّ
لَا مُلْكَ لِي
سِوَى قُبَّرَاتٍ يَنْعَمْنَ
فِي رِقَّةِ الْحَيَاة

***********
أَنَا الْبَدَوِيُّ
لَا غَالِبَ سِوَى طُفُولَةٍ
تَسْرَحُ فِي مُرُوجِ الْيُتْم
وَعَلَى وَتَرٍ مَذْبُوحٍ بِأَنَّةِ الْأَصَابِع
تَرْقُصُ عَارِيَةً الْفَرَح.


الكاتب : صالح لبريني

  

بتاريخ : 24/11/2017