إنتاجات لسان الدين بن الخطيب في المغرب والأندلس.. محن وزير غرناطة بين السلطة والنفي والقتل

 

في إطار أنشطتها الإشعاعية، نظمت مؤسسة لسان الدين بن الخطيب بفاس، مؤخرا ، ندوة علمية في موضوع الإنتاجات الفكرية للسان الدين بن الخطيب بين الأندلس والمغرب بالمدرسة العليا للتكنولوجيا، بتنسيق مع جامعة سيدي محمد بن عبد الله والمركز الثقافي سيرفانتيس، حضرها رئيس الجامعة وعميدا كلية العلوم والمدرسة العليا للتكنولوجيا، وتتبع أشغالها نخبة من المشققين والإعلاميين والطلبة. وقد أدار الندوة العلمية ، باقتدار، الإعلامي ذ. عبد السلام الزروالي.
استهل أشغال الندوة الدكتور إبراهيم أقديم رئيس المؤسسة مشيرا إلى التشابه الثقافي بين المغرب والأندلس، ومتحدثا عن بعض الأنشطة التي قامت بها المؤسسة في طليعتها ندوة حول التراث المعماري بفاس باعتبارها متحفا متواصلا عبر الأزمنة والعصور، كما تحدث عن الروابط التاريخية بين الحضارتين المغربية والأندلسية من زاوية لسان الدين بن الخطيب، وخلص في مداخلته الى مناشدة المهتمين بدعم المؤسسة حتى تستطيع تطبيق برامجها الثقافية سواء بفاس أو في المدن التاريخية بإسبانيا.
رئيس الجامعة د مصطفي اجعالي عبر عن استعداد جامعة سيدي محمد بن عبد الله لاحتضان أنشطة المؤسسة، وبلورة المشاريع التي تساهم في تقريب المغرب وإسبانيا ثقافيا وعلميا وسياسيا.
مدير المركز الثقافي سيرفانتيس شكر رئيس الجامعة ومدير المدرسة العليا للتكنولوجيا، مؤكدا أن مثل هذه الندوة تساهم في الحفاظ على التعايش بين الضفتين وتاريخهما المشترك وأن المركز سيظل وفيا لهذه الثقافة العظيمة ، ولعل تنظيم الندوة هاته يعد نموذجا للتعريف بالحضارة الأندلسية والمغربية.
وكان أول متدخل في الندوة الدكتور العياشي السنوني الذي أشار أن تراث لسان الدين بن الخطيب عولج في كثير من الملتقيات، غير أنه يجب العمل على جمع آثاره المخطوطة والموثقة وتأليف ببلوغرافية لهذه الشخصية التاريخية المعروفة بذي الوزارتين وذي العمرين وذي الميتتين ، مؤكدا أنه ساهم في التقريب بين الضفتين وتطوير الموشحات بالإضافة إلى كونه مؤلف الكتاب الشهير ” الإحاطة في أخبار غرناطة” .
الدكتورة سعيدة العلمي عنونت مداخلتها بومضات ساخرة من أدب لسان الدين بن الخطيب، إذ أكدت في عرضها أنه كان أديبا ساخرا متقلب المزاج إذ عاش كل المتناقضات من مجد السلطة إلى النفي ومصادرة أملاكه ما دفعه إلى الهجرة للمغرب .
الدكتور رشيد بناني تناول لسان الدين بن الخطيب من خلال رواية” وزير غرناطة ” وهي أول وآخر عمل أدبي للدكتور الراحل عبدالهادي بوطالب الذي انخرط في المجال الإعلامي والسياسي كوزير في أول حكومة مغربية بعد الاستقلال سنة 1956 كما عمل أستاذا في المدرسة المولوية ، وإليه الفضل في التعريف بلسان الدين بن الخطيب قبل ان يعرف به أكادميون آخرون ،علما بأنه عاشر ابن خلدون وتجاور معه بفاس ، غير أن بن خلدون كان مشهورا برحيله إلى المشرق عكس لسان الدين بن الخطيب الذي كان متنقلا بين قرطبة والمغرب حتى سمي ابن الدارين. وأضاف بناني أن بوطالب عاش نفس التجربة متقلبا في مواقفه وتقربه من السلطة، إذ عاش بين مد وجزر في العمل بالسلطة وإبعاده عنها وهي نفس الدسائس والأحداث التي عاشها لسان الدين بن الخطيب بالأندلس، حيث ألب عليه خصومه، الحكام .
ولعل رواية “وزير غرناطة” يضيف المتحدث تركز على العلاقة بين بني الأحمر بالاندلس والمرينيين بالمغرب التي اكتوى بنيرانها لسان الدين بن الخطيب والذي كان فاعلا فيهما مما تسبب في محنته .
الدكتور محمد اللبار عنون مداخلته.. بالمسار الصعب … حيث ركز على حياة لسان الدين بن الخطيب في القرن14م وهي الفترة التي اشتكى فيها من الدسائس، وهي أيضا الفترة الحالكة التي في حياة المسلمين والتي كان من نتائجها سقوط الاندلس على يد الملكة إيزابيل في القرن 15م، ذلك أن مشاكل الاندلس انطلقت مع عصره وضاعت بانقطاع العلاقة وفسادها بين النصريين في الأندلس مما نتج عنه نكبته الاولى سنة 1359م حيث صودرت أمواله، غير أن سلاطين وأمراء بني مرين في المغرب شفعوا له حيث استرجع ماضاع منه .
الجدير بالذكر أن لسان الدين بن الخطيب كان له دور هام في تأسيس المارستانات بفاس ومراكش، غير أنه حكم عليه بالإعدام بتواطؤ من وزراء غرناطة وشنق ليلا ثم أحرقت جثته بفاس قبل أن يدفن بمقبرة باب المحروق. ويضيف د اللبار أن التسمية لاعلاقة لها بحرقه.
وكان آخر متدخل هو د. إميليو فرين الذي تناول عرضه بالعربية الفصحى في موضوع التقاطعات بين ابن خلدون التونسي ولسان الدين بن الخطيب الفاسي، إذ كان بن خلدون أصغر منه بعشرين سنة حيث كان سريع التنقل بين الشرق والغرب ، وقد ذكر المحاضر أنهما التقيا بفاس ، في الوقت الذي كانت فيه ضغوط قوية على آخر مملكة عربية مسلمة بالغرب الأندلسي وأخرى في الجنوب. ويضيف إميليو أن الثغر الأندلسي كان نقطة اللقاء بين قوة إسلامية في الشمال وأخرى قوية في الجنوب ، وكان لسان الدين بن الخطيب شاهدا على بناء قصر الحمراء، ولاتزال بعض أبياته الشعرية منقوشة على جدران القصر. .
واختتمت الندوة بنقاش فكري أجمع فه المتدخلون على العلاقة الوطيدة التي كانت قائمة بين الأندلس والمغرب، وما عرفته من مد وجزر يعكسها حاليا عمق العلاقات القائمة بين المملكة المغربية والمملكة الاسبانية مما أعطى زخما قويا لقضيتنا الوطنية ودعما اسبانيا لمغربية صحرائنا باعتبارها جزءا لا يتجزأ من المغرب.
تجدر الإشارة الى أنن الندوة العلمية أدارها باقتدار الإعلامي ذ. عبد السلام الزروالي.


الكاتب : محمد بوهلال

  

بتاريخ : 24/05/2023