اتهامات متبادلة بين الجامعة والمولودية والوالي .. من يتحمل المسؤولية في أحداث ديربي الشرق ؟

انتهى ديربي الشرق، بين مولودية وجدة والنهضة البركانية، المؤجل عن الجولة 16 من الدوري الاحترافي، والذي جرى مساء أول أمس الأربعاء بالملعب الشرفي بوجدة، على إيقاع أعمال عنف وتخريب، امتدت حتى الشارع العام، وأثارت هلعا في أوساط الساكنة الوجدية.
وكانت هذه المواجهة، التي ابتسمت لسندباد الشرق بهدف اللاعب عبد الله خفيفي، تسير في جو عادي ورياضي احتفالي، خاصة وإنها كانت الأولى التي تجريها المولودية بالملعب الشرفي، الذي استعاد حيويته بعدما أغلق لعدة أشهر خضع خلالها لعملية إصلاح واسعة.
وما إن أعلن الحكم السينغالي ماخيت ندياي عن نهاية المواجهة، حتى انطلقت فلول من مناصري المولودية صوب الجماهير البركانية، التي كانت في الجهة المقابلة، ليختلط الحابل بالنابل، وتحدث اصطدامات بين المناصرين، ورجال الأمن، الذين واجهوا سيلا من الحجارة والأسلاك الحديدية، أفرزت إصابة 20 فردا من رجال القوة العمومية، من بينهم رئيس المنطقة الثالثة للأمن بوجدة، والذي استدعت حالته البقاء بالمستشفى من أجل تلقي العلاجات، فيما اعتقل ليلة الأربعاء – الخميس 27 مناصرا من الطرفين، كماتم تحديد هويات مجموعة أخرى، بناء على الصور ومقاطع الفيديو التي وثقت الأحداث، وأصدرت السلطات الأمنية مذكرة بحث في حقهم، ويتوقع أن ترتفع حصيلة الاعتقالات إلى 38 شخصا.
وعاشت مدينة وجدة ساعات من الجحيم، حيث خيم الخوف والهلع على الساكنة المتاخمة للملعب الشرفي، سيما وأن أعمال التخريب امتدت إلى الممتلكات الخاصة، حيث تم الاعتداء على أحد المقاهي، فضلا عن تحطيم زجاج السيارات، وبعض المنازل التي تم رشقها بالحجارة.
وحسب مصادر عاينت الأحداث، فإن نائب وكيل الملك بوجدة وقف على تفاصيل ما وقع بالملعب، وأصدر تعليماته من أجل القيام بالمتعين، إزاء هذا الانفلات الذي هز سكون عاصمة الشرق.
وحمل مصدر من المكتب المسير لفريق المولودية الجامعة والولاية مسؤولة ما وقع، لأن الملعب لم يكن جاهزا لاحتضان مباراة من هذا الحجم، وبالتالي فإن الهيئات التي رخصت بفتح أبواب الملعب، وهو في هذه الحالة، يجب أن تتحمل مسؤوليتها.
وأضاف مصدرنا أنه حتى لو طلبت المولودية استغلال الملعب، فإن الجامعة ما كان عليها أن تمنح الترخيص، وهي التي أرسلت لجنة تقنية عاينت الملعب وتجهيزاته ومرافقه، ومنحت بعدها الضوء الأخضر بفتحه. مضيفا أن سلطات أي مدينة يحق لها أن تمنع التنقلات الجماعية للجماهير، «وهذا أمر وقفنا عليه مرارا بالبطولة الوطنية، كما أنها أحيانا قد تفرض إجراء المباريات من دون جمهور»، قبل أن يتساءل عن دور الأمن المكلف بمتابعة ما ينشر على مواقع التواصل الاجتماعي، بالنظر إلى ما كانت تحمله بعض الصفحات من سخونة وإثارة للتعصب.
وزاد مصدرنا بالتأكيد على أن الملعب كان مشرعا عن آخره، حيث أن الباب الرئيسي غير موجود، بالإضافة إلى توافر كميات كبيرة من الحجارة والقضبان الحديدية، لأن الأشغال مازالت جارية ببعض الأماكن من الملعب، يضاف إلى كل هذا شعور جماهير المولودية بالدونية، بعدما تم تخصيص الكراسي المثبتة بالمدرجات للجماهير البركانية، فيما تركت الأماكن الإسمنتية لمحبي المولودية، مضيفا أن الكراسي التي تم إحراقها كانت حيث يتواجد اللون البرتقالي.
واستغرب مصدرنا كيف أن رجال الأمن حينما أمروا جماهير بركان بالنزول إلى أرضية الميدان، تركوهم من دون حراسة، ما جعلهم يقومون بتخريب أرضية الميدان، ويحطمون أعمدة المرمى، وهذا خلل تنظيمي كبير.
وختم مصدرنا بالتأكيد على أنه لم يكن هناك عمليات استباقية، يمكن لها توقع الأحداث، وتجهيز الخطط الأمنية اللازمة لتفادي حصولها، على غرار حصر عدد الحاضرين، وهو ما تم العمل به بالملعب البلدي، علما بأن سلطات بركان وفاس رفضت الترخيص للمولودية لدواعي أمنية.
وقال مصدر من داخل اللجنة التقنية التي عاينت الملعب سابقا، إن ما حدث مساء الأربعاء، سوَّق صورة قبيحة لكرة القدم الوطنية، لأن من قام بهذه الأعمال اللارياضية هم أشخاص لا علاقة بهم بكرة القدم، وكانوا مصممين على ارتكاب هذه الأفعال، التي بلغت درجة الإجرام، وكانت لغاية غير معروفة، وهذا يطرح التساؤل عمن خطط ودفع هؤلاء الأشخاص إلى القيام بهذه الأعمال المسيئة.
وأضاف مصدرنا أن زيارة هذه اللجنة إلى الملعب جاءت بعدما توصلت الجامعة بمراسلة من الوالي، يطلب فيها برمجة ديربي الشرق بالملعب الشرفي، وأنه ولأسباب أمنية يتعذر إقامته بالملعب البلدي، قبل أن تليها مراسلة من رئيس المولودية حول نفس الموضوع. وأكد على أن الجامعة حينما أوفدت لجنتها إلى عين المكان، فإن ذلك كان بغرض الوقوف على الجوانب التقنية، وفي مقدمتها القياسات القانونية والأرضية والمستودعات وخطوط المرمى، مشددا على أن الجامعة لو لم تتوصل بمراسلة رئيس المولودية ما كانت لترخص بفتح الملعب الشرفي، حتى ولو كانت بين يديها مراسلة الوالي، الذي سبق له أن طالب ببرمجة لقاء مراكش، لكن تم التريث لأسبوع إضافي.
وقال مصدر من داخل الجامعة إن المسؤولية يتحملها الوالي ورئيس المولودية، لأنهما طالبا بفتح الملعب، وبالتالي عليهما تحمل نتائج تسرعهما، مقدما دليل ملعب الحارثي الجاهز لاستقبال المباريات، بيد أن رفض السلطات الأمنية جعله خارج الخدمة، رغم حالته التقنية الجيدة، قبل أن يختم بالتأكيد على أن الجامعة تتحمل المسؤولية في الشق التقني فقط، أما عدا ذلك فهي خارج دائرة المساءلة.
ومن أجل أخذ وجهة نظره في الأمر، كان لنا اتصال هاتفي بوالي وجدة، معاذ الجامعي، نفى فيه أي مسؤولية له في ما وقع، مكتفيا بالإشارة إلى أنه سعى جاهدا إلى تمكين المدينة من ملعب بمواصفات جيدة، لكن وقع ما لم يكن في الحسبان، ليختم تصريحه المقتضب بالقول «إن الولاية لم تجلب هذه الجماهير إلى الملعب».
يذكر أن الملعب الشرفي بوجدة، الذي تبلغ طاقته الاستيعابية 20 ألف مقعد، خضع لعملية تهيئة وتأهيل،
همت أرضيته التي أصحبت معشوشبة طبيعيا ومنظومة جديدة للإنارة، فضلا عن العديد من المرافق ذات الصلة، من قبيل قاعة للندوات وقاعة للعلاجات ومستودع للملابس مجهز بشكل جيد والمرافق المخصصة للصحافة بسعة 70 مقعدا.
ويشتمل الملعب على مرافق مهيأة تحسبا لاعتماد تقنية الفيديو المساعد لهيئة التحكيم (فار) في الموسم المقبل من البطولة الاحترافية.
ومن المنتظر أن يخضع الملعب لشطر ثان من الأشغال، يتضمن بناء سور جديد مع مداخل جديدة وإرساء بوابات وكاميرات المراقبة والتجهيزات الصوتية.
ولازالت أشغال تثبيت المقاعد على المدرجات متواصلة لضمان استقبال الجماهير الرياضية في أفضل الشروط.


الكاتب : ابراهيم العماري

  

بتاريخ : 22/02/2019