المخيمات الصيفية: خصوصيات مرحلة ما بعد كوفيد

لا ينكر أحد وخاصة من الفاعلين والفاعلات التربويين الإثار النفسية العميقة التي تركها الحجر الصحي على وجدان الطفولة، ويتقاسم الباحثون الاجتماعيون والنفسيون الخلاصات ذاتها تقريبا، مفادها أن زمن الوباء تغيرت فيه سلوكات الأفراد والعلاقات الاجتماعية، والأطفال هم أضعف حلقة في زمن الحجر… لأن الطفولة أصلا هي زمن اللعب والحركة والتفتح والعلائق الاجتماعية.
يحل زمن التخييم التربوي هذه السنة في سياق استثنائي… نستحضر فيه كل ما خلصت إليه الدراسات والأبحاث… حيث أننا سنكون أمام طفولة بخصوصيات جديدة… طفولة ما بعد الحجر… طبعا ستنشأ قضايا تربوية مستجدة ووضعيات علائقية من طبيعة جديدة…
العرض التربوي حمل هم البنيات التحتية وراهن على توسيع قاعدة المستفيدين… هل هذا يكفي…؟
هل الجمعيات بأطرها المختلفة واعية بواقع طفولة ما بعد الحجر…؟ هل هي راضية عن العرض التربوي وتقبل التحدي لإنجاح محطة عرفت دائما شراكة بين القطاع العمومي والنسيج المدني بل حتى القطاع الخاص…؟ هل نحن في حاجة إلى فهم الرهانات الجديدة لتفكيكها لصياغتها في شكل نمذجة بيداغوجية يتم تنزيلها أفقيا…؟
هي جملة من الانشغالات والتساؤلات يحاول هذا الملف مقاربتها بالإنصات إلى الفاعلين والفاعلات… في أفق تقييم تجربة المخيمات البديلة مقارنة مع إستئناف التخييم وتيرته العادي ….

 

التحول الذي لابد منه من أجل مخيمات مواطنة

ذ.محمد قمار

الحديث عن التخييم دون الحديث عن المشروع التربوي والأهداف المسطرة لكل مرحلة أو عند نهاية من التخييم…
الحياة التربوية للمخيم مجتمع صغير، وتحدث فيه صراعات ونزاعات وتكثلات وجبهات، وضمن المشروع التربوي للمدرب لابد أن يعتبر نفسه وسيطا لحل النزاعات وتدبير الأزمات داخل فريقه أو ضمن مجموعة المخيم، واستغلال كل الوضعيات لترسيخ قيم الحداثة والمواطنة والتسامح وتدبير الأزمات بحس التوافقات.
إذن طريقة الإنزال القيمي للقيم كالتسامح يجب أن تتم عبر المحاور التالية:
أولا: الاشتغال داخل المشروع التربوي للمخيم على إبراز منظومة القيم عبر الترفيه والفن والثقافة والرياضة والحس الفني الجمالي اليدوي.
ثانيا: عبر التعامل مع الحياة التخييمة كمجتمع صغير من خلال نشخص القيم السلبية ونعدلها ونرسخ الإجابية بالحوار والإقناع وتدبير الخلافات ليكون الطفل نفسه طرفا في تصريف القيم الحقوقية لا مستفيدا.
وهذا يعني أن مؤشرات التقويم النهائية عليها أن تجيب على مدى تحقق الحس المدني عند الأطفال ومدى قدرتهم على إنشاء مجتمع صغير متضامن غير إقصائي.
التربية على القيم و وظيفة المخيم: ظلت المدرسة لعقود هي المسؤولة الوحيدة على التربية على القيم معدلة أو معززة، حتى عاد سؤال المسؤولية التربوية إلى الواجهة… فانفتحت المؤسسات الأخرى على وظيفة التربية وتصريف قيم المواطنة، ووصلت الموجة متأخرة إلى المخيمات، بحكم أن مجال الترفيه كان هو الطاغي أو تسيس الفعل التخييمي وفق مرجعية تابعة لا مستقلة، ولأن التكوين الأساسي في دور المخيم كمنظمة مجتمعية في تصريف قيم المواطنة ظل هامشيا ولأن التكوين بمقاربة القيم وصل للمدرسة نفسها متأخرا، ظلت المخيمات تعلن شعارات تلامس المواطنة في غياب رؤية تربوية ومشروع تربوي يمكن من أجرأة ما ظل طموحا تربويا…
والمسألة في غاية التعقيد بأن منظومة القيم لا تقدم بمعزل عن المعارف والمهارات… ووعي فريق قيادة المخيم بمنظومة القيم يجعل الطفل في المخيم مواطنا صغيرا في مجتمع المخيم، فيتم تمكينه من قيم المواطنة… التربية على الحق والواجب…. المشاركة في وضع قانون داخلي للفرقة… المشاركة في وضع القانون الداخلي للمخيم… المشاركة في اجتماعات الإدارة عبر تمثيلية ديمقراطية تفرز ممثلي وممثلات الأطفال مع التأكيد على مقارية النوع والمناصفة والتنافس حول برناج يدافع عنه أمام فريق القيادة الذي لا بد أن تكون فيه التمثلية للأطفال…. وأن يعتبر اليوم الأول… يوم الديمقراطية…. ففيه يتم تأسيس بنية المخيم مجتمع صغير والأطفال كمواطنين ومواطنات صغار…
هذا الوعي بدينامية مجتمع المخيم يتطلب انفتاحا على الأفكار الجديدة والقطع مع مخيمات الوصاية من أجل مخيم المواطنة.

قراءة متأنية للعرض الوطني للتخييم 2022

n محمد القرطيطي (*)

بعد غياب اضطراري للمخيمات فرضته جائحة كورونا، يعود البرنامج الوطني للتخييم الى الساحة التربوية، وسط تساؤلات وتوقعات الجمعيات المشتغلة على ملف التخييم، وهل تكون العودة ملبية للانتظارات والطموحات، والقطع مع محدودية البرنامج، وطبيعة الفضاءات الموظفة، التي تشكو من التأهيل والتجهيز والانتشار والعدالة الاجتماعية.
المحطات التنظيمية التي صاحبت الإعلان عن إطلاق العرض الوطني للتخييم في بداية شهر أبريل من طرف وزير الشباب والثقافة والتواصل، وسط حضور الجمعيات والقطاعات بالمكتبة العامة، محطات طبعها التأخير في عمليات التأهيل لمراكز التخييم، وإطلاق الصفقات تزامنا مع اقتراب تنظيم المخيمات، ووضع زمن التكوين في عطلة الربيع المعتادة، وتسجيل الفراغ القانوني لإقامة التداريب، وفق ما تضمنته محددات مرسوم تنظيم المخيمات الصادرة في 08 شتنبر 2021.
مشروع العرض الوطني للتخييم لهذا العام لم يكن نظريا مختلفا عن سابقه، من حيث مجالاته وحمولته، ما عدا ما لوحظ من تقليص في أيام المراحل الخمسة، وتراجع الشبكة بسبب تأخير في انجاز صفقات البناء للفضاءات الجديدة، وغلق مخيمات عائشة مبارك وأوسماحة لعدم توفر الماء وتاغزوت بأكدير لإعادة برمجة إعادة بنائه وإعدام مخيمي الانبعاث بأكادير وسيدي رحال الشاطئ بتراب برشيد، دون الإعلان عن تعويضهما، وهذا معطى أثر سلبا على معدلات الاستفادة الكلية، وتخفيض حصيص الجمعيات الوطنية بنسبة تتجاوز 60 %، علما أن المخصصات التي جاء بها العرض نصت على 100 الف برسم المخيمات القارة و85 الف لمخيمات القرب بدون مبيت، وحوالي 70 الف توزعت على جامعات الشباب واليافعين وأنشطة التكوين والمقامات وفعاليات نهاية الأسبوع ، وهو الشطر الذي سيبرمج على مدى شهور شتنبر الى دجنبر القادم.

صعوبات في تنزيل العرض

اللجنة الاستشارية المشتركة المركزية والجهوية تعاني صعوبات في توزيع المخصصات والتوطين من حيث الاعداد والمراكز، وذلك راجع الى ارتفاع عدد الجمعيات المقبولة بالعرض الوطني، والتي وصلت الى 160 جمعية وطنية ومتعددة الفروع والجهوية في حين ارتفع عدد الجمعيات المحلية الى أكثر 600 جمعية استفادة من نسبة 20% من الحصيص الإجمالي، موازاة مع 60% للجمعيات الوطنية والنسبة الباقية همت المؤسسات الاجتماعية، علما ان البوابة الالكترونية للوزارة سجلا 07 آلاف حساب للجمعيات والفروع.
اللجنة المشتركة لازالت مجتمعة، ولبحث عن مخرجات متاحة للتغلب على الصعوبات الطارئة، خاصة توجيه مخيمات القرب لإحداث توازن في معدلات الاستفادة .
من جهة أخرى أطلقت الجامعة الوطنية للتخييم لقاءات تواصلت عبر الجهات الترابية للمملكة لتقديم معطيات عن العرض، وفتح نقاش وحوار مع الجمعيات بهدف التحسيس والتعبئة ، كما نظمت الوزارة (لقاء الشباب) لقاءا دراسيا وتكوينية ببوزنيقة لفائدة المسؤولين عن المخيمات ، في وقت تجتهد الجمعيات الوطنية في اقامات لقاءات تأهيلية لأطرها التربوية للتخفيف من ضغط التكوين الذي غاب خلال الشهور الماضية، وكانت وزارة الداخلية والصحة والشباب قد وجهت دوريات الى مسؤوليها بالجهات والعمالات والاقاليم تحثها على الانخراط في إنجاح المخيمات واجراء الفحوصات اللازمة وتكثيف المراقبة والمواكبة
مأسسة العرض الوطني للتخييم
مرسوم تنظيم المخيمات داخل قطاع الشباب، والذي نشر بالجريدة الرسمية، جاء بمقتضيات مهمة، وأخرى تحتاج الى تحيين، أهم هذه المؤشرات مأسسة التخييم وإطلاقه في شهر يناير من كل سنة، التنصيص على طبيعة ومواصفات المرافق وجودتها، وتوفير السلامة والحماية والصحة، واشتراط المؤهل البيداغوجي للمنشطين، وإصدار قرارات وزارية بمنظومة أنشطة التكوين وآخر باعتماد قانون داخلي للمخيمات، وقرار ثالث عبارة عن الدليل الاجرائي للسلامة والبنية التحتية والخدمات، وسيتم النشر بالجريدة الرسمية للوصول الى الجودة في المؤسسات والمنتوج التربوي ، وهناك رغبة بمشاركة عدد من المؤسسات والوكالات في مجال الرقمنة والتربية على حقوق الطفل والتربية الطرقية والقراءة وأطفال مغاربة العالم والحفاظ على المعلومات الشخصية ، وغير ذلك من المناشط الثقافية والابداعية التي ستعزز الفضاء التنشيطي داخل المخيمات. وهناك اعتماد خاص بالجمعيات للوصول الى الاختصاص في المجال، وبناء مقاربة في التكوين والتنشيط والمجال، بما يفيد مؤسسة الوقت الثالث للتركيز على المحتوى وربطه بالتنمية المستدامة ,هذا الامر مرتبط بأشكال الدعم العمومي، وتحسين فضاءات التكوين والتنشيط عن طريق شراكة منتجة ومنفتحة .

انشغال جمعوي بقطاع الشباب

ما تم تناوله واستعراضه، له ارتباط عضوي بالجهة الحكومية المدبرة لقطاع الشباب، المتفرع عن الثقافة والتواصل داخل الحكومة، التي يجب أن تمتلك القدرة والاختصاص والامكانيات المادية والبشرية، تسمح له بتنزيل البرامج الواعدة، وتبني مقاربتها على شراكات منتجة مع الفاعلين؛ الجمعيات القريبة من مطبخ القطاع تلاحظ في تقييماتها على تأخر القطاع في توسيع شيكات المؤسسات وتأطيرها وتجهيزها، وإطلاق إقلاع حقيقي لإنعاش الأنشطة، وإيجاد حلول آنية لإصلاح أنظمة المؤسسات، والترافع من أجل الطفولة والشباب، والإبقاء على جميع المكاسب الجمعوية، إذ لم نقل تقويتها باعتبار الجمعيات البديل الأفضل لا حدات التغيير؛ لقد تعرض القطاع الى هزات متلاحقة شملت تعريض خريجي المعهد الى بطالة ظالمة، انعكست سلبا على مؤسسات الوزارة الى درجة غلق بعض منها، وترحيل الرياضة والمعهد عن هيكلته بعد عقود من العطاء وتحويله الى تجريب الوزراء وانزالهم بكثافة دون مبرر ما عدا اهدار زمن الإصلاح.

(*) رئيس الجامعة
الوطنية للتخييم

 

 

قيام الجمعيات بأنشطة عن بعد مؤشر عن قدرتها على الإبداع والتطبيق

 


n المصطفى نشيط(*)

يمكنني أن أعبر بكل ارتياح أن العرض التربوي سيكون في مستوى طلعات كل المهتمين بمجال التخييم لا من حيث تدبير هذا الملف و لت من حيث البنيات المستقبلة، علما أنه تمت صيانة عدد من المواقع وتجديد عتادها وهذا طبعا يلقي مسؤولية كبرى علينا لاسثتمار هذه المؤشرات في تجويد المخيم وأنشطة، ورغم أن كوفيد تسبب بتوقف اضطراري للتكوين فالجمعيات قامت بأنشطة عن بعد في التكوين والترفيه والتعبئة الاجتماعية والصحية.
نحن سعداء لمعانقة أطفالنا والتعويض عنهم آثار العزلة والرتابة العرض لا يمكن التنبؤ بمخرجاته في ظل تداعيات الوباء نفسيا واجتماعيا، ويظل ما راكمته الجمعيات من تجارب هو المرجع الأساسي إضافة إلى اعتماد مقاربة منفتحة لأن الأطفال ستتغير سوكاتهم،من أثر العزلة… ورصيد الجمعيات من الأطر الكفأة مع وجود إرادة الإبداع والتغيير لتقديم منتوج تربوي يليق بزمن ما بعد الوباء.
كما أود ان اشيد بما قامت به الجمعيات من مواكبة الاستعداد بمعية الجامعة الوطنية للتخييم والوزارة الوصية عن الطفولة والشباب
اوجه نداء للجمعيات من اجل انجاح برنامج العطلة للجميع واعطاء الصورة الحقيقية لما تقوم به دائما.

(*) رئيس جمعية
التربية والتكوين

 

الموجه المغربي لنبذ الإرهاب والتطرف

كان سباقا للدعوة إلى الحلول البديلة في زمن الحجر

n ذ. خالد أخازي(*)

شكرا لجريدة الاتحاد الاشتراكي التي ستظل دوما صوت الشباب والمعبر التاريخي عن هموم المواطنين على اتاحة الفرصة لنا كمنظمة مدنية لتقديم وجهة نظرنا في العرض التخييمي بعد التوقف الاضطراري، طبعا نحن في المرصد المغربي لنبذ الإرهاب والتطرف كنا خلال فترة التوقف من دعاة إيجاد بدائل تربوية والخروج من مقعد الذي يدبر الأزمة بالانتظار وهذا لثقتنا بأطر الوزارة الذين اشتغلنا إلى جانبهم سنوات طويلة في إطار المشاورات المفتوحة والمقاربة التشاركية، وقد أفرز الوضع منظومة بديلة لمخيمات شبه قارة غطت على الفراغ ولأنشطة طفولية عن بعد وورشات للتكوين والتمكين افتراضية…
طبعا نحن في المرصد لدينا مشروع مجتمعي أهم دعاماته ترسيخ قيم التعايش والتسامح ومحاربة خطاب الكراهية وتفتيت حاضنات التطرف داخل المؤسسات المجتمعية، وضمن هذا المشروع المجتمعي الذي هو إبدال يتم تنزيله عموديا على مختلف الأنشطة المدرجة في برنامج العمل السنوي للمرصد… والمخيم بالنسبة لنا محطة أساسية لتصريف قيم التسامح والتعايش..
لا ننكر أن المنتوج الذي جاءت به الوزارة السابقة بفضل إبداع وبعد الرؤية عند أطرها وتلاقحها وتصورات الفاعلين في القطاع خفف من وطأة تداعيات الوباء، لكن المخيم يظل مخيما بأبعاده وأعرافه وطقوسه، من جهتنا سنعمل على استدراك الزمن التربوي التخييمي المهدر ونتوقع حسب ما صرحت به الوزارة جودة للبنيات والمعدات كما أن الرفع من قيمة التغذية لن ينعكس على القيمة الفردية بل سيغطي الفارق الناجم عن ارتفاع أسعار المواد الغذائية والمعدات التربوية… العودة طبعا ستكون بطعم الفرح والحماس… لأننا ننتظر ثورة جديدة في الحياة التربوية للمخيم بالعمل على المشروع التربوي ذي الشقين التكويني والترفيهي… وفي الوقت نفسه تنزيل رؤيتنا لمجتمع متضامن متسامح في وطن محصن ضد التطرف وخطاب الكراهية

(*) المستشار الإعلامي للمرصد المغربي
لنبذ الإرهاب والتطرف

 

استخلاص الدروس من جائحة كرونا ضروري للإنفتاح أكثر

n ذ. محمد تيبياوي(*)

بعد اطلاعكم على العرض الوطني للتخييم، وبعد توقف اضطراري من جراء وباء كوفيد، ماهي توقعاتكم التربوية لهذا الموسم؟
في إطار الظرفية الصعبة التي عاشها المغرب – شأنه شأن باقي دول العالم – و التي تتمثل في انتشار فيروس كورونا «كوفيد 19»، وانعكاساتها و تداعياتها على المجتمع ككل وعلى الأطفال بشكل خاص.
وانطلاقا من أهداف الجامعة الوطنية للتخييم الرامية إلى بناء وتكوين شخصية الأطفال واليافعين وتنمية طاقاتهم وقدراتهم وحماية وصيانة حقوقهم، انخرطت جميع جمعياتها ومنظماتها وفي كل ربوع الوطن ،في تخفيف الآثار النفسية والاجتماعية لجائحة كورونا على أطفال المغرب ، إيمانا منها بأن المخيمات هي الفضاء الأنسب والأمثل لممارسة التربية على المواطنة الرامية إلى ترسيخ منظومة القيم ،بغية جعل المخيم فضاء للبناء والتفاعل والتنشيط والمشاركة والانفتاح على الذات، وأن الطفل هو الرأسمال البشري الذي يجب أن تهيئ له الظروف المواتية لضمان سلامته وأمنه وصيانة حقوقه.
وانسجاما مع البرنامج الحكومي ،تتميز هذه السنة، باستفادة العرض الوطني للتخييم، من برنامج «أوراش»، الذي يهدف إلى خلق فرص عمل مباشرة، من أجل ضمان تأطير أفضل والرفع من جودة التنشيط التربوي وتنويع البرامج التنشيطية داخل فضاءات التخييم.
و في هذا الصدد تم برمجة المخيمات القارة وأنشطة القرب للأطفال من 07 سنوات الى أقل من 15 سنة، وملتقيات تربوية لليافعين من 15 سنة الى أقل من 18 سنة، وجامعات الشباب من 18 سنة الى 25 سنة، والتداريب التكوينية واللقاءات الدراسية المرتبطة بنشاط التخييم من 18 سنة فما فوق، موزعة على 5 مراحل 10 أيام لكل مرحلة..
في ما يخص توقعاتي التربوية لهذا الموسم ستكون مخيمات لسنة 2022 لها نكهة خاصة، لأن أنشطة المخيمات خير دواء في تخفيف الآثار النفسية لجائحة كورونا على الأطفال. لأن التخييم السوسيو- تربوي، يعد طاقة إيجابية للأطفال واليافعين والشباب، ويعطي فرصا متاحة لتعلم مهارات الحياة، ويرسخ قيم المواطنة و مبادئ السلوك المدني، فهي مؤسسات تربوية تساعد الطفل على تنمية مداركه بالاحتكاك والمعرفة حتى يتم إعداده للحياة المستقبلية من خلال ما تقدمه من برامج وأنشطة ذات حمولة تربوية ومضامين تنشيطية تحمل قيم المواطنة، ناهيك أنها ساهمت في تكوين أجيال كثيرة من الأطر الوطنية الجمعوية من مختلف التخصصات والتوجهات وهو ما جعلها مدرسة حقيقية للتربية على حب الوطن والتسامح والتعايش من خلال الأنشطة والبرامج الوقائية ذات الوقع التربوي.

هل سيؤثر التوقف الاضطراري على جودة العرض التربوي للمخيمات؟

لطالما اعتبرت الجامعة الوطنية للتخييم فترة الحجر الصحي فرصة للتأمل في واقع الطفل المغربي لتجديد الالتزامات،وترجمتها إلى إجراءات ملموسة، ترمي إلى تمتيع الأطفال بحقوقهم المشروعة.
واستشرافا للمستقبل كان لزاما على جميع المتدخلين استخلاص الدروس من جائحة كورونا ،و التفكير في الآفاق المستقبلية للطفولة المغربية ،و الاستعداد الجيد لفترة ما بعد كورونا، التي تستدعي تكثيف الجهود والعمل وفق مقاربة تشاركية بين جميع مكونات الدولة و المجتمع المدني بغية وضع قطار مستقبل الطفل المغربي على السكة الصحيحة ،لأن الطفل مرادف للمستقبل.
من وجهة نظري فالتوقف الاضطراري بسبب جائحة كورونا سيؤثر لا محالة على العرض الوطني للتخييم ،فرهان تجويده مسؤولية مشتركة بين جميع المتدخلين تتطلب الارتكاز على الحكامة التدبيرية بتعاقد تربوي قوامه التدبير بالنتائج على جميع الأصعدة ، بدء بالإعداد الجيد لفضاءات الاستقبال، ثم الاختيار الأمثل للأطر الإدارية والتربوية المسؤولة على تأطير الموسم التخييمي ،مرورا إلى ترسيخ عدالة تربوية و مجالية، بغية تمكين عدد كبير من الأطفال من الاستفادة من حق التخييم وفق مقاربة التربية الدامجة .
فالمخيمات أضحت تشكل بما راكمته من تجارب تربوية خلال ما يزيد عن 80 سنة من انطلاقتها بالمغرب جزء من الرأسمال اللامادي الذي يجب على الجميع صيانة مكتسباته وتحصينه ضد كل الأساليب والممارسات التي قد تعبث بأهدافه وقيمه النبيلة.
وباعتبار المخيم حق و ليس امتياز ينبغي تعميم فرص الاستفادة منه لأكبر عدد ممكن، مع كامل الأسف ، هذا الهدف ما زال يصطدم بالعديد من الإكراهات المادية واللوجستيكية مما يطرح من جديد دور الفاعلين والمتدخلين في العملية التخييمية من اجل توسيع خريطة فضاءات التخييم وتوفير الوعاء العقاري الملائم والكافي لتلبية الطلب المتزايد على البرنامج الوطني للتخييم كل سنة.
وفي هذا الإطار ،كفاعل مدني، أدعو الحكومة المغربية والوزارة الوصية ، إلى:
* توسيع وتجويد العرض التربوي لهذا القطاع بما يتلاءم مع حاجيات وانتظارت الأطفال ولا سيما الفئات المعوزة والهشة.
* التجاوب مع مطالب الجمعيات والمنظمات التربوية، التي نجملها في رفع الدعم المخصص للجمعيات
* تخصيص غلاف مالي لتحفيز الأطر الإدارية والتربوية، وآخر لدعم البرامج والتكوين.
* إعادة النظر في قرار تقليص مدة التخييم إلى 10 أيام، وهي في الحقيقة 8 أيام، دون احتساب يوم الدخول ويوم المغادرة، تربويا ، هذا ما يدفعني إلى طرح السؤال، الآتي :ماذا سيستفيد هذا الطفل في المدة القصيرة جدا؟
* تطوير البنيات التحتية والتجهيزات، وتكوين الأطر التربوية المشاركة في تنزيل البرنامج الوطني للتخييم، وتحديث مناهج التكوين وتنويع محاوره، وتطوير القانون والحكامة والتواصل، وتحسين وتجويد الخدمات خاصة الغذائية.
* تسريع وتيرة أشغال إنجاز مراكز تخييمية من الجيل الجديد.
* صيانة وتهييئ عدد مهم من فضاءات التخييم لتكون جاهزة بشكل دائم وطيلة فترات السنة، لاستقبال الدورات التكوينية واللقاءات الدراسية.
* تجهيز المراكز بكل التجهيزات الأساسية والتربوية الضرورية.
* ضرورة العمل خلال توزيع حصص المستفيدين على الجمعيات على مراعاة مبدأ العدالة المجالية وضمان ولوج مختلف الشرائح والفئات من مختلف التراب الوطني للمخيمات الصيفية، مع العمل على تنويع العرض التربوي بما يضمن ولوج مختلف الجمعيات التربوية للمخيمات الصيفية دونما أي إقصاء أو حرمان للجمعيات.
فصفوة القول إن عملية النهوض بجودة العرض التربوي داخل التخييم ومجالاته مسؤولية مشتركة لكافة الأطراف من مختلف المواقع من سلطات عمومية وقطاع خاص ومجتمع مدني، فإن المطلوب حاليا العمل على الارتقاء بمستوى المقاربة التشاركية والحكامة، لإيجاد الحلول الناجعة لتطوير وتأهيل المخيمات، وهذا ما يستوجب انخراط جماعي بإرادة حقيقية وفق حكامة تدبيرية ناجعة، قوامها التأطير القانوني والتربوي الجيدين، والتدبير المحكم للموارد البشرية ، والتدبير المادي والمالي المعقلن، مع العمل على وضع سياسة عمومية في إطار استراتيجية وطنية تتجاوب مع الانتظارت الكمية والنوعية لطفولة الألفية الثالثة، بغية جعل المخيمات آلية لتعميم الحقوق الدستورية للطفولة المغربية، والمساهمة في التنشئة الاجتماعية، وتيسير حقوق المشاركة، وتعميم الترفيه التربوي في أوساط الطفولة.

(*) القائد العام لمنظمة الكشفية المحمدية المغربية


الكاتب : إعداد: محمد قمار

  

بتاريخ : 30/06/2022