المغاربة في مصر خلال القرن الثامن عشر  78 : المغربيان محمد الأمير ومحمد عليش يصلان الى منصب مفتي المالكية و الشيخ حسن العطار إلى رئاسة مشايخ الأزهر 

“المغاربة في مصر خلال القرن الثامن عشر»، كتاب يتناول دراسة العائلات المغربية في مصر خلال هذه الفترة، وذلك من خلال إبراز دراسة هذه العائلات كخلية اجتماعية اقتصادية متحركة.
هذه الدراسة  سلطت الضوء على عائلات النخبة التجارية المغربية ودورها في الاقتصاد المصري إبان تلك الفترة التاريخية، و كذلك تطرقت إلى المدى الجغرافي الذي اتخذته معاملاتهم بمختلف أنواعها، والرخاء الاقتصادي الذي تمتعوا به.
الكتاب أصدرته مكتبة الإسكندرية سنة 2015، وهو كما يقول مديرها الدكتور إسماعيل سراج الدين،  ترجمة للعلاقات بين مصر والمغرب العربي، التي هي من الصفحات المشرقة في تاريح الأمم، وأوضح الدكتور إسماعيل سراج الدين، أن هذا التاريخ الممتد من العلاقات إلى العصور القديمة،  كان من نتيجتها، العديد من الأسفار والرحلات من بلاد المغرب إلى مصر ومن مصر إلى المغرب، بل يكشف مدير مكتبة الإسكندرية، أن الروح المغربية موجودة في مدينة الإسكندرية في أوليائها الصالحين وأسماء أحيائها وشوارعها، بل امتد الوجود المغربي إلى مدن أخرى، وفي القاهرة عد ابن طولون مركزا للمغاربة، وما زلنا إلى اليوم نرى في هذا الحي أثرا في بقايا العائلات المغربية القاطنة.
كتاب «المغاربة في مصر خلال القرن الثامن عشر، هو دراسة للمؤرخ الدكتور حسام محمد  عبدالمعطي، أنجزها بمناسبة اختيار المملكة المغربية ضيف شرف معرض مكتب الإسكندرية  الدولي للكتاب سنة 2012. ولأهمية هذه الكتاب/الدراسة، نسلط الضوء على ما جاءت به هذه الدراسة من معطيات التي استندت في إنجازها إلى  العديد من الوثائق التي تبرز حياة ودور المغاربة في مصر،  في العديد من المجالات خلال القرن الثامن عشر .

 

من بين العلماء الكبار  المغاربة  وأهمها يقول الدكتور حسام محمد عبد المعطي، نجد  الفقيه علي بن العربي بن علي العربي  السقاط الذي توفي بالقاهرة سنة 1769م ؛ حيث درس في الأزهر برواق المغاربة وحصل على العديد من الإجازات العلمية من العديد من العلماء المصريين والمغاربة، ومن هؤلاء العلماء الفقيه أبو عبد الله محمد بن قاسم جسوس.
ويتأكد من خلال تتبع كتب الأخبار والتراجم وفق الدراسة،  أن رواق المغاربة كان العمدة والمرجع فيما يحرر حول الفقه المالكي،وكان المركز الذي يسهر على تكوين الأطر اللازمة لنشر المذهب المالكي في المغرب والمشرق، وبسبب ذلك فقد كان واحدا من أقدم وأهم وأغنى الأروقة التي عرفها الجامع الأزهر.
ويرى المؤلف أن  رواق المغاربة ظل  المحور الرئيسي للتطورات الفقهية المالكية في مختلف القضايا ،ومن الخطأ  يقول، أن نعتقد أن المغاربة هم فقط الذين عنوا بدراسة وتطوير المذهب المالكي فقد ساد مصر إبان هذه الحقبة مذهبان أساسيان هما المذهب الشافعي والمذهب المالكي؛ وقد انعكس ذلك في الصراع على رئاسة المؤسسة التعليمية الأزهرية؛ حيث رأس الأزهر العديد من العلماء المالكية مثل الشيخ محمد الخريشي والشيخ محمد شنن وغيرهم، وذلك على  الرغم من أن المذهب الأساسي للدولة العثمانية الحاكمة كان المذهب الحنفي؛ ومع توافد كبار العلماء المالكية من مختلف البقاع على مصر تكونت في مصر نخبة علمية رفيعة المستوى من العلماء المالكية المصريين والوافدين إلى الأزهر، ومن هؤلاء الشيخ عثمان بن علي بن محمد بن محمد الغزي المالكي أحد أجلاء شيوخ العربية ، بالإضافة إلى عدد كبير من العلماء المصريين مثل الشيخ الإمام الحجة عبد الباقي بن يوسف بن أحمد بن محمد بن علوان الزرقاني المالكي، والإمام العلامة إبراهيم
بن مرعي الشبرخيتي؛ والشيخ علي بن محمد بن عبد الرحمن الأجهوري فقد كان شيخ المالكية في عصره ويقول عنه المحبي إنه علامة العصر وبركة الزمن. لقد كان الأجهوري بحق أكبر فقهاء المالكية في عصره وحج إليه وقصده العلماء وطلاب العلم من كل مكان في العالم الإسلامي» وأرسل إليه سلاطين المغرب العديد من الأسئلة للإجابة عنها في مختلف جوانب الفروض الشرعية».
كما أثرى المجاورون المغاربة الحياة الثقافية المصرية بالعديد من المؤلفات؛ ومن هؤلاء الشيخ شهاب الدين أحمد المقرئ الأندلسي الذي ألف أغلب كتبه ومؤلفاته في مصر مثل كتابه المشهور «نفح الطيب في غصن الأندلس الرطيب» ومنهم أيضا أحمد بن قاسم المدعو أفوقاي الذي أ إلى مصر بعد رحلة في أوروبا؛ حيث كان من المورسكيين المطرودين من الأندلس؛ وقد وصل إلى مصر في عام 1636م وطلب منه الشيخ على الأجهوري أن يثبت محاوراته لرجال الدين المسيحي في كتاب فألفه بعنوان «ناصر الدين على القوم الكافرين.»
لقد برع العديد من العلماء المغاربة الذين تخرجوا في الأزهر  وعاشوا وتعلموا برواق المغاربة بالجامع الأزهر حتى تمكنوا من الوصول إلى أعلى مناصب التدريس في الأزهر ذاته ومدارس القاهرة المتعددة ووصل كثير منهم إلى منصب مفتي المالكية بالديار المصرية مثل الشيخ محمد الأمير والشيخ محمد عليش،بل إن منهم من وصل إلى رئاسة مشايخ الأزهر مثل الشيخ حسن العطار.


بتاريخ : 04/08/2021