النقط والمعدلات تسيطر على اهتمامات الأسر بعد نتائج الأسدس الأول

انتهى الأسدس الأول من الموسم الدراسي 2019//2020..ولاشك أنه أفرز عدة قناعات، وإشكاليات ،وخلاصات تختلف من أسرة لأخرى. ومن أستاذ لآخر، ومن مدير لآخر.. إلا أن المتتبعين للشأن التعليمي التربوي، وقفوا على معطيات دقيقة من خلال النتائج المحصل عليها، ومن خلال المردود الذي قدمته هيئة التدريس والظروف التي اشتغلت فيها. والاكراهات الجمة التي واجهها المسؤولون على القطاع التربوي التعليمي، إقليميا وجهويا و وطنيا، نتيجة السياسات الحكومية، التي لم تستطع السمو بمنظومتنا التعليمية، رغم العديد من المحاولات التي لم تتسم بالدقة والتصور الواقعي، مما تسبب ذلك في ضياع عقود من الزمن، وسيولة مالية مهمة من المال العام. انطلاقا من الميثاق الوطني للتربية والتكوين،مرورا بالمخطط الاستعجالي الذي مازالت متابعة المسؤولين المباشرين عليه جامدة، وصولا إلى الرؤية الإستراتيجية 2015/2030.وهي الأمل الوحيد لتغيير ما يمكن الرفع به من مستوى تعليمنا. خلصت إلى أن شعار الدخول المدرسي الحالي( من أجل مدرسة مواطنة دامجة )،وهو شعار له دلالاته، ومغزاه ومميزاته، إلا أن الانطلاقة لم تكن توازي هذا الشعار لعدة اعتبارات. أهمها : حين نتكلم عن المواطنة، فلابد أن يشعر المدير والأستاذ والتلاميذ والأسرة، أن هناك احترام للمواطن وتقدير للمواطنة، وحين يلج هذا الثلاثي المؤسسة التعليمية العمومية، ويقف أمام حقائق، ووقائع، لا تعطي للمواطنة مدلولها ومفهومها الحقيقي. ثم اين هم الحراس العامون،؟ وأين هو العتاد المدرسي؟،وخاصة السبورات البيضاء، المشروع الذي أشرف الوزير السابق للتعليم، محمد حصاد الذي أبرم اتفاقا مع شركات مختصة عن طريق المديرين الجهويين للاكاديميات الجهوية للتربية و التكوين. وقطاع التكوين المهني بخصوص الطاولات. ،أين هي تجهيزات الاقسام العلمية في العديد من المدارس العمومية عبر التراب الوطني. بل حتى المواد الحيوية تغيب عن بعض المؤسسات خصوصا بالمجال القروي، كالماء والكهرباء،.
فأمام هذا الواقع المر، عن أي مواطنة دامجة يتحدثون؟.هذا بالإضافة إلى خصاص الأساتذة في بعض المواد، يختلف من مديرية لاخرى، ولأسباب مازلنا نجهلها، لم يجد المسؤولون حلا لهذه المعظلة، سوى اللجوء إلى سلب حق من حقوق التلميذ يتنافى وروح المواطنة الدامجة حين يتم خصم ساعة أو أكثر من المادة التي تشكو من خصاص في الأساتذة،.
صحيح أن الموسم الدراسي الحالي انطلق، رغم الاكراهات المذكورة سابقا، فلم يكن أي رد فعل على نقص الموارد البشرية في الأطر التربوية ولا الإدارية، ولا حول سرقة ساعة أو أكثر من الزمن المدرسي،لسد الخصاص لاساتذة بعض المواد، ولا حين أخرجت العديد من الكفاءات التربوية من أقسامها والزج بها في مكاتب الحراسة العامة لإدخال غياب التلاميذ أو الوقوف بالممرات المؤدية إلى الاقسام. فمن المتضرر من كل هذا؟،أليس هو ذاك التلميذ الذي حملناه شعار( من أجل مدرسة مواطنة دامجة ) ثم،سلبناه ابسط حقوقه، المتمثلة في حقه في تعليم جيد داخل مدرسة حقيقية تضمن له تلقينا كاملا وفي ظروف جيدة ، ففي غياب ابسط هذه الحقوق. نجد هنآك من غير وجهته نحو التعليم الخصوصي للإستثمار في أبنائه، بعد وضعه خطة مدروسة ومحكمة، تجنب من خلالها الوقوع في فراغ، مثل غياب الأساتذة، ضم الأقسام خصم الساعات.
العديد من المتتبعين للشأن التعليمي خلصت ملاحظاتهم أيضا بعد حصول التلاميذ على نتائج الاسدس الأول. حول واقع خطير،.وهو أن جل الأسر حين استقبلت هذه النتائج، كان همها الوحيد هو النقط والمعدلات، خصوصا بالثانوية الإعدادي والتاهيلي، حيث أصبحت هذه النقط والمعدلات مجالا للتباهي، غير مبالين ولا مهتمين بقدراتهم المعرفية والعلمية، وكأن أبناءهم خيول سباق، كما جاء في العديد من صفحات التواصل الإجتماعي، والأغرب من ذلك هو أن العديد من الأمهات والآباء والأولياء ،يبادرون إلى معرفة نقط ومعدلات أبناء آخرين، من العائلة والمقربين والاصدقاء والجيران، والويل ثم الويل لأبنائهم ان كانت نقط معدلات الآخرين أكبر وتفوق نقط ومعدلات أبنائهم. كما أن معدلات 12…13…14…على 20.غير مقبولة عنذ شريحة من الأمهات والآباء والأولياء. لأنها جد ضعيفة. ولا يمكن لها التباهي بها.وقد يعاني العديد من التلاميذ أصحاب مثل هذه المعدلات من مضايقات وتعسفات، بل أياما عسيرة، الى حين استئناف الدراسة من جديد بعد نهاية هذه العطلة ،علما أن جل اصحاب هذه المعدلات على درجة كبيرة من المعرفة، وقد يكون له مستقبل أفضل بكثير من اصحاب المعدلات الكبيرة الذين تزهو عائلته بمعدلاتهم الكبيرة.
ولاشك أن بعض الأساتذة يتعاملون مع هذه المحطة من السنة الدراسية، لأنها فرصة مهمة لاستقطاب المزيد من التلاميذ الى الدروس الخصوصية، بعد التعامل بسخاء مع المستفيدين من الدروس الإضافية منذ بداية الموسم الدراسي الحالي، والتي كانت السبب في رفع معدلاتهم، الشيء الذي شعر من خلاله العديد من التلاميذ في المدارس العمومية العادية بالحكرة وسوء المعاملة، فيضطر مكرها إلى الانخراط الكلي فيما تبقى من عمر السنة الدراسية الحالية في الدروس الإضافية وبالتالي حماية موسمه الدراسي من الضياع ،فيلبي رغبة أساتذته وانتظارات عائلته.وهو ما يجعل المؤسسات الخصوصية المحتضنة للدروس الإضافية تعج بالراغبين في التسجيل.
وفي هذا الصدد،التقت الجريدة مع بعض المتدخلين في العملية التعليمية التربوية، للتقرب من حقيقة الامر.
( ف _ ح)استاذة مادة علوم الحياة والارض،أكدت أن حصيلة الاسدس الأول كانت جد عادية، فهناك من التلاميذ والتلميذات من لهم رغبة كبيرة في التحصيل، وهناك من قدراته المكتسبة الضعيفة لا يستطيعون معها مسايرة الدروس نتيجة تراكمات سابقة،أصبحت تشكل لهم عائقا، نحاول مساعدتهم للالتحاق بالركب. والظاهر تضيف الأستاذة ان الجميع أصبح يلهث وراء الحصول على نقط عالية ومعدلات مهمة دون الاهتمام بالوعي المعرفي.
أما( ش – ع) مدير بإحدى الثانويات التأهيلية، يرى ان الادارة التربوية تعاني من خصاص فظيع ،فمؤسسته التي تضم 1700تلميذة وتلميذ، لا تتوفر سوى على حارس عام واحد..وعن نتائج الاسدس الاول، أكد هو الاخر أن الجميع أصبح مهتما بالنقطة والمعدلات خصوصا بالسنة الثانية بكالوريا ،فالذين لهم معدلات متوسطة أو ناقصة بالامتحان الجهوي،هؤلاء يسعون إلى الحصول على نقط مرتفعة بالمراقبة المستمرة، وهو الوضع الذي يشجع على الانخراط في الدروس الإضافية.
وأكد التلميذ( ح _ن) أن الدروس الإضافية أصبحت شرا لابد منه، فإن لم تنخرط فيها فإنك تغامر بمستقبلك. فالعملية أصبحت تعتمد على المعدلات وليس على القدرات العلمية حتى بعد الحصول على شهادة البكالوريا، من اجل إمكانية التسجيل في المعاهد العليا.
أما الطامة الكبرى، فهي اقتناع عدد كبير من الامهات والآباء والأولياء بالنقط المعدلات عوض كسب المعرفة، هذه الظاهرة الغريبة قد تكون ضربة قوية لأي بلد سادت فيه هذه القناعة. لأنها لن تنجب أبدا باحثين ومفكرين وعباقرة في مجالات العلم المتعددة.


الكاتب : محمد تامر

  

بتاريخ : 30/01/2020

أخبار مرتبطة

  عرف ملف الأساتذة الموقوفين منعطفا جديدا، صباح أمس الاثنين، فبعد أن كان المعنيون على موعد مع المجالس التأديبية التي

في وثيقة صادرة يوم 22 أبريل الجاري، موجهة إلى أحد الأساتذة الموقوفين بسلك التعليم الثانوي التأهيلي بمديرية أسفي، تم حصر

تتويج أكاديمية جهة الرباط سلا القنيطرة بالجائزة الكبرى لسلك الإعدادي وأكاديمية جهة كلميم واد نون لسلك الابتدائي     ضمن

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *