بورتريه برلماني.. ميلود الشعبي الملياردير الناجح والبرلماني الذي مارس السياسة بنبل وأخلاق

 

هو رجل أعمال مغربي عصامي بنى ثروته الكبرى  بكفاحه وجديته وذكائه، ومجهود الشخصي، ولم يمنعه نجاحه الواسع في الأعمال والتجارة من ولوج السياسة وممارستها، إنه الملياردير الراحل ميلود الشعبي.
انتخب الراحل ميلود الشعبي نائبا برلمانيا عن مدينة الصويرة  وأعيد انتخابه لولاية تشريعية ثانية لسنة 1993 و2002 و 2007. وحينما قرر سنة 2011 عدم التقدم إلى الانتخابات، دفعت به  الساكنة وعماله في إحدى شركاته من أجل  الترشح وهو ما كان، حيث فاز من جديد بمقعد برلماني.
وقدم البرلماني الشعبي استقالته من مجلس النواب، ووافق عليها مكتب المجلس، الذي كان يرأس مجموعة نيابية مكونة من خمسة نواب من الفائزين في انتخابات 25 نونبر 2011، وعزا مبررات الاستقالة ل “أسباب شخصية مرتبطة بظروف صحية صعبت عليه مهمة الاستمرار في العمل التشريعي”.
وتعد استقالة الشعبي أول قرار من نوعه من هذا القبيل، في ظل الولاية التشريعية التاسعة وفي ظل الدستور السادس للمملكة.
لكن عمله السياسي سيجر عليه المشاكل في بعض الأحيان، ما جعله يكف عن الممارسة السياسية المباشرة، ويتفرغ لشؤونه التجارية والاقتصادية.
وكان الراحل ميلود الشعبي انتخب، ومنذ سنة 1963، رئيسا للغرفة التجارية والصناعية لمدينة القنيطرة، وظل في هذا  المنصب الرئاسي حتى سنة 1966، ثم أعيد انتخابه للمرة الثانية من سنة 1966 إلى 1969، وهي السنة التي انتخب فيها رئيساً لجامعة الغرف التجارية والصناعية بالمغرب.
استطاع بفضل كفاحه ونضاله أن يشيد مجموعته الاقتصادية الكبيرة التي فاقت شهرتها الحدود المغربية، ووصل عن طريق الشركة الأم “يينا”، ومعناها بالأمازيغية أمّي، إلى العالم العربي والإفريقي والأوروبي. وجعلها مجموعة قابضة، تملك العديد من المؤسسات الصناعية والتجارية داخل المغرب وخارجه، حتى وصل عدد مجموعتها إلى أكثر من 40 مقاولة وشركة، كلها شركات مواطنة تشغل أكثر من 20.000 عامل.
وكم من مرة اختيرت مجموعته الاقتصادية كأولى المجموعات الحيوية في بلده المغرب، قبل أن يحتل مكانة مهمة ضمن قائمة «فوربس» الأمريكية التي قدرت ثروته بـ2.9 مليار دولار. تلقى الشعبي تعليما بسيطا بالمسجد، وخرج إلى ميدان العمل، تارة يرعى الغنم، وأخرى يعمل مزارعا يستخلص أجره عن كل يوم عمل، لكنه بمثابرته وصبره، استطاع سنة 1948 أن ينشئ أولى مقاولاته بمدينة القنيطرة،  حيث عمل في مجال البناء والإنعاش العقاري ضمن مجموعة عمّال لا يتعدى أفرادها الثلاثة كان الشعبي رابعهم، يعمل إلى جانبهم بدون كبرياء أو أنانية، ليدخل مضمار التحدي والمنافسة التجارية، وينَوَّعَ نشاطه العملي باتجاهه نحو صناعة «السيراميك» عبر إطلاق شركة متخصصة سنة 1964.
وفي سنة 1985 استطاع شراء شركتي «دولبو» و»ديماتيت»، المتخصصتين في صناعة وتوزيع تجهيزات الريّ ومواد البناء من عائلة «دولبو» الفرنسية، وهي الشركة التي كان يشتغل فيها أجيراً، وذلك بعد منافسة شديدة استمرت طويلا بين الشعبي وعائلة «دولبو».
لقد شكلت عملية شراء «دولبو – ديماتيت»طفرة نوعية في المسار المهني للمقاول العصامي، حيث أصبحت مجموعة “يينا” القابضة واحدة من أقوى المجموعات الاقتصادية في المملكة المغربية. وما هي إلا سنوات قليلة، ويفوز الشعبي بصفقة شراء الشركة الوطنية للبتروكيماويات سنة 1993، وذلك عندما خَصْخَصَ المغرب بعض مؤسساته.
الحاج ميلود الشعبي ازداد شهرة واستطاع بفضل كفاحه ونضاله أن يشيد مجموعته الاقتصادية الكبيرة التي فاقت شهرتها الحدود المغربية.
في سنة 1994 سيطلق شركة «إليكترا» للمكونات الكهربائية والكابلات والبطاريات، وسيعطي انطلاقة سلسلة أسواق السلام العصرية، التي وصل عددها اليوم إلى 12 سوقا تجاريا، ثم سيؤسس أولى وحدات سلسلة فنادق رياض «موكادور» بمدينة الصويرة ثم بمدينة مراكش فأكادير، ثم سيؤسس وحدة لصناعة الحديد يطلق عليها اسم “يينا ستيل”، وبعدها شركة “جي بي سي” للكارتون والتلفيف.
كان الراحل يقدم الدعم والمساعدات والنصح والتوجيهات، وبقي على حاله ذاك، يحظى باحترام الجميع حتى ارتقى إلى دار البقاء  عن سن 86 بأحد المستشفيات في ألمانيا، وووري جثمانه الثرى بمقبرة الشهداء بالعاصمة الرباط في جنازة مهيبة.


الكاتب :   عبد الحق الريحاني

  

بتاريخ : 29/02/2024