تطور حقوق المرأة في القانون المغربي

إن الحديث عن تطور حقوق المرأة ومشاركتها في تدبير الشأن العام في المجتمع المغربي هو حديث عن تطور وتحديث المجتمع والدولة في المغرب المعاصر.
والأكيد أن تطور القاعدة القانونية المنظمة للحقوق والحريات بالمغرب رهينة ولها علاقة بالتطور الذي تعيشه المجتمعات الإنسانية وتأثير القواعد القانونية المستمدة من الاتفاقيات الدولية السائدة في هذا المجال، والتي أصبحت جزءا لا يتجزأ من القواعد القانونية الوطنية بمعنى أن مفاهيم العولمة والحداثة أصبحت مؤثرة بشكل مباشر أو غير مباشر في القواعد المعيارية السائدة داخل المجتمعات التقليدية البترمونيالية أو المجتمعات المحلية بحيث لم يبق للحدود التقليدية معنى في المجتمع الدولي المعاصر.
ومن هذا المنظور، فالمغرب أسوة بباقي الدول المعاصرة عرف مجموعة من الإصلاحات القانونية والتي لها علاقة برفع التمييز عن المرآة وتمكينها من المساهمة في التنمية من خلال فتح المجال لإشراكها في مختلف مناحي الحياة العامة والخروج من الدور النمطي للمرأة والسائد في المجتمع التقليدي والمتمثل في لعب أدوار اقتصادية واجتماعية داخل البيت لا خارجه، ولفهم التطور الذي غرفته حقوق المرأة بالمغرب لا بد من تشريح النصوص القانونية وتطوريها في اتجاه رفع الحيف والميز عن المرأة من خلال قراءة في نصوص القانون العام والقانون الخاص المغربي، والتطور الذي عرفه.
مكانة المرأة في القانون العام المغربي

من هذا المنظور شكل رهان التمثلية السياسية للنساء بالمغرب إحدى التحديات الكبرى التي ارتبطت بتغيير عميق للعقليات والذي تطلب رفع هيمنة وسيطرة الذكورية تجاه النساء والذي شكل تحديا خاصا من بين أشكال علاقات السيطرة داخل المجتمع، والعمل في إطار مقاربة للنوع الاجتماعي تساعد على توظيف كل الوسائل لمناهضة اللامساواة والتمييز.
لذلك فان دخول المرأة المغربية للمؤسسة التشريعية لم يكن وليد لحظة تاريخية بل هو إفراز لصراع مرير للمرأة المغربية ضد العقلية الذكورية داخل مجتمع بترمونيالي، وفي هذا الإطار فان المرأة المغربية رفعت التحدي، وترشحت للانتخابات التشريعية منذ سنة 1977 حيث ترشحت 8 مرشحات من أصل 908، لم تستطع أي منهن الفوز بالمقعد الانتخابي رغم أن المرأة كانت تشكل آنذاك 48،53 من الجسم الانتخابي، وبعد هذه المحاولات الأولى فإن دخول المرأة المغربية للمؤسسة التشريعية يعود إلى الانتخابات التشريعية المباشرة ليونيو 1993، والتي أجريت في إطار دستور 1992، والتي اعتبرها الباحثون طفرة نوعية بالرغم من هشاشته المتمثلة في أنه اقتصر على نائبتين، ويتعلق الأمر بكل من بديعة الصقلي عن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ولطيفة سميرس عن حزب الاستقلال.
وقد كانت مسألة تحرير المرأة وإشراكها في المؤسسة البرلمانية من الملفات الكبرى التي نوقشت على ضوء تعديل دستور 1992، وفي هذا الإطار جاء في الخطاب الملكي ليوم 8 شتنبر 1992 بعد أن استقبل العاهل المغربي رئيس وأعضاء الغرفة الدستورية الذين قدموا لجلالته النتائج النهائية للاستفتاء حول مشروع الدستور أنه « سينكب بصفة خاصة على ملف يتمثل في كوني أريد أن أنصف الشطر الثاني من الشعب، وهو المرأة المغربية، فقد اتصلت بجميع الهيئات الممثلة للمرأة المغربية منتمية كانت أو غير منتمية، وقد اخترت المخاطبات واخترت من جهة أخرى اللجنة الفقهية القانونية التي ستكون هي المحاور المباشر للسيدات اللاتي وقع عليهن الاختيار.
وليكن الجميع على يقين من أنني سوف أنصف المرأة المغربية.»»
وفي هذا الإطار يرى الأستاذ عبدالله العروي أن الوثيقة الدستورية لسنة 1992 أعطت أهمية للتطور الداخلي أي لتطور المجتمع المغربي، ويرى أن جلالة الملك تكلم عن فكرة غير مذكورة مباشرة في الدستور، وهي المتعلقة بتحرير المرأة ويرى أنه من الأهمية بمكان أن يكون جلالة الملك هو الذي فتح الباب للنقاش والاجتهاد في هذا الموضوع.
وهذا ما يوضح أن مسألة إشراك المرأة في المؤسسة التشريعية كان دائما مطروحا وبصفة خاصة نتيجة المؤثرات الدولية التي مست المجتمع المغربي في بداية التسعينيات من القرن الماضي، مع العلم أن المغرب قام بإيداع أدوات التصديق على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة في 21يونيو 1993 حيث صادق عليها بظهير رقم 4-93-2 الصادر في 14 يونيو 1993.
وبعد دخول المرأة معترك المؤسسة البرلمانية في ظل دستور 1992 و1996، بحيث انتقل من نائبتين في انتخابات 1997 إلى 35 نائبة برلمانية في انتخابات2002 نتيجة تخصيص «كوطا» نسائية تتمثل في 30 مقعدا في اللائحة الوطنية وتراجع إلى عدد34 في انتخابات 2007.
وقد أثار تخصيص «كوطا» نسائية في ظل دستور 1996 الكثير من النقاش حول دستورية «الكوطا» من عدمها حيث اعتبر البعض أن تخصيص «الكوطا» النسائية مخالفة لمقتضيات الفصل 8 من الدستور آنذاك الذي ينص على المساواة ما بين الرجل والمرأة في الوقت الذي ذهب فيه البعض الآخر إلى اعتبار أن هذا التمييز إيجابي الهدف منه هو ضمان إشراك المرأة في تدبير الشأن العام السياسي في مجتمع بتريمونيالي ذكوري بامتياز.
دستور 2011 ومبدأ المناصفة

مع دخول الوثيقة الدستورية لسنة 2011 حيز التنفيذ دخلت القضية النسائية بالمغرب منعطفا آخر قائم على مبدأ المناصفة كهدف من أجل إشراك المرأة المغربية في تدبير الشأن العام.
وفي هذا الإطار نصت مقتضيات المادة 19 من الدستور على أنه يتمتع الرجل والمرأة على قدم المساواة بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية الواردة في هذا الباب من الدستور، وفي مقتضياته الأخرى وكذا في الاتفاقيات والمواثيق الدولية، كما صادق عليها المغرب، وكل ذلك في تطاق أحكام الدستور وثوابت المملكة وقوانينها.
تسعى الدولة إلى تحقيق مبدأ المناصفة بين الرجال والنساء وتحدث لهذه الغاية هيئة للمناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز.
ولتنزيل هذا المبدأ والمقتضى الدستوري تم اتخاذ مجموعة من الإصلاحات على القوانين المنظمة للانتخابات وتدبير الشأن العام.
في ما يخص هيئة المناصفة:
في هذا الإطار تم إحداث هيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز بمقتضى القانون رقم 14-79 تنزيلا لمقتضيات المادة 19 من الدستور والمادة 164 من نفس الوثيقة، والتي نصت على أنه تسهر الهيئة المكلفة بالمناصفة ومحاربة جميع اشكال التمييز المحدثة بموجب الفصل 19 من هذا الدستور بصفة خاصة على احترام الحقوق والحريات المنصوص عليها في الفصل المذكور مع مراعاة الاختصاصات المسندة للمجلس الوطني لحقوق الإنسان.
وقد نصت المادة 2 من القانون رقم 14-79 على صلاحيات الهيئة ومنها:
إبداء الرأي بمبادرة منها أو بطلب من الملك أو بطلب من الحكومة أو أحد مجلسي البرلمان، حسب الحالة، بشأن مشاريع ومقترحات القوانين ومشاريع النصوص التنظيمية.
تقديم كل اقتراح أو توصية إلى الحكومة أو إلى أحد مجلسي البرلمان بهدف تعزيز قيم المساواة أو المناصفة وعدم التمييز وتكريسها وإشعاعها
في ما يخص الانتخابات البرلمانية:
ذهبت قواعد القانون التنظيمي رقم 11-27 المتعلق بمجلس النواب في مادته الأولى إلى أنه يتم انتخاب90 عضوا على صعيد دائرة انتخابية وطنية تحدث على صعيد تراب المملكة.
ولتوضيح مضمون الفقرة الثانية من المادة 1 من القانون التنظيمي ذهبت المادة 23 منه إلى أنه في ما يخص الانتخابات على صعيد الدائرة الانتخابية الوطنية يجب على وكيل كل لائحة أو كل مرشح أن يودع بنفسه بمقر كتابة اللجنة الوطنية للإحصاء المنصوص عليها في المادة 85 من هذا القانون التنظيمي التصريح بالترشيح في ثلاثة نظائر داخل الآجال المشار إليها أعلاه.
يجب أن تشمل لائحة الترشيح على جزأين يتضمن الجزء الأول منها أسماء ستين 60 مترشحة مع بيان ترتيبهن ويتضمن الجزء الثاني منها أسماء لثلاثين 30 مترشحا ذكر لا تزيد سنهم عن أربعين سنة شمسية في تاريخ الاقتراع مع بيان ترتيبهم، كما يجب أن يتضمن حسب الحالة، كل جزء من اللائحة أسماء مترشحات أو مترشحين ينتسبون إلى كافة جهات المملكة، ويثبت الانتساب للجهة شهادة القيد في اللائحة الانتخابية العامة لإحدى الجماعات التابعة للجهة.
وقد ضمن مبدأ المناصفة المنصوص عليها في المادة 19 الفرصة للرفع من حضور المرأة في المؤسسة التشريعية لضمان مساهمتها في وضع توابل المطبخ القانوني المغربي، كما ساهم هذا المبدأ في الرفع من حضور المرأة المغربية في المجالس والهيئات المنتخبة من خلال تعديل القوانين المنظمة للانتخابات بعد دستور 2011.
القانون التنظيمي رقم 14-113 المتعلق بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية:
في إطار تنزيل مبدأ المناصفة ذهبت المادة 17 من القانون التنظيمي أعلاه إلى أنه يتعين العمل على أن تتضمن لائحة ترشيحات نواب الرئيس عددا من المترشحات لا يقل عن ثلث نواب الرئيس.
القانون التنظيمي رقم 11-29 المتعلق بالأحزاب السياسية:
في إطار تنزيل مبدأ المناصفة ذهبت المادة 26 من القانون أعلاه إلى أنه يعمل كل حزب سياسي على توسيع وتعميم مشاركة النساء والشباب في التنمية السياسية للبلاد، ولهذه الغاية يسعى كل حزب سياسي لبلوغ نسبة الثلث لفائدة النساء داخل أجهزته المسيرة وطنيا وجهويا، في أفق التحقيق التدريجي لمبدأ المناصفة بين النساء والرجال.
القانون التنظيمي رقم 13-100 المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية والذي ذهب في أحد فصوله إلى أنه يجب ضمان تمثيلية النساء القاضيات من بين الأعضاء العشرة المنتخبين، بما يتناسب مع حضورهن داخل السلك القضائي وفق مقتضيات المادتين 23 و45 من هذا القانون التنظيمي، وهذا ما يوضح أن مبدأ المناصفة مكن المرأة المغربية من اقتحام مجال التدبير العام الشيء الذي يوضح بداية تفكك البنيات التقليدية لفائدة قواعد معيارية عقلانية رامية إلى إشراك النصف الثاني من المجتمع في تدبير الشأن العام.
المرأة المغربية وقانون الجنسية المغربي
إذا كان النص الرسمي لقانون الجنسية المغربية الصادر في سبتمبر 1958 قد كشف النقاب عن ثلاثة اعتبارات في تبويب القانون على اعتبار أن سلطات الحماية قد استنكفت عن وضع قانون الجنسية لأسباب لا داعي لذكرها الآن، وتتجلى الاعتبارات الثلاثة التي قام عليها قانون الجنسية في صيغته الاولى في:
الاعتبار الأول يتمثل في أن حق المواطنة هو علاقة سياسية محضة تربط الفرد بالدولة.
الاعتبار الثاني: يتمثل في أن بلاد المغرب ليست في وضع يسمح بتشجيع دخول مواطنين جدد بسبب كثافة السكان.
الاعتبار الثالث: يتمثل في أن الجنسية المغربية تمنح بشروط تسمح بحفظ الوحدة الوطنية والخصوصيات المغربية والمتمثلة في منظور واضعي النص الأصلي في اللغة العربية والدين الإسلامي، وبدخول قانون رقم 06-62 المنظم والمعدل للظهير الشريف رقم 250-1-58 والمعتبر بمثابة قانون الجنسية المغربية في التنفيذ بعد نشره بالجريدة الرسمية عدد 5513 يكون النقاش المجتمعي المتعلق بمنح المرأة المغربية الجنسية لأبنائها قد وضع أوزاره من جهة، وقام بالقضاء على اعتماد مفاهيم المجتمع البتريمانيالي كمصدر لمنح الجنسية المغربية كجنسية أصلية.
وهكذا ففي الجنسية الأصلية فإنه وعكس النص القديم، فإن الجنسية المغربية كجنسية أصلية المترتبة عن النسب أو البنوة أصبحت تمنح لكل من ازداد من مغربي أو من مغربية سواء ازداد في المغرب أو خارجه، بحيث يعتبر مغربيا وفقا للفصل السادس من قانون الجنسية الولد المولود من أب مغربي أو من أم مغربية، وقد أكدت الأحكام الانتقالية أن المقتضيات الجديدة بشان إسناد الجنسية المغربية بمقتضى الفصل السادس عن طريق الولادة من أم مغربية تطبق بأثر رجعي على الأشخاص المولودين قبل تاريخ نشر هذا القانون مما يعني أن كل من ازداد من أم مغربية يعتبر مغربيا حاملا للجنسية المغربية كجنسية أصلية وليس في حاجة إلى المطالبة بالتجنيس.
أما في ما يخص التجنيس فإن المرأة الأجنبية المتزوجة من مغربي أصبح بإمكانها بعد مرور خمس سنوات على إقامتهما معا في المغرب بكيفية اعتيادية ومنتظمة أن تتقدم أثناء قيام العلاقة الزوجية إلى وزير العدل بتصريح لاكتساب الجنسية المغربية، والملاحظ أنه في ظل القانون الجديد، أن انتهاء العلاقة الزوجية بالطلاق مثلا لا يؤثر على التصريح المقدم من طرف هذه الأخيرة لاكتساب الجنسية المغربية إذا كان هذا التصريح قدم قبل انتهاء العلاقة الزوجية.
والملاحظ أن تعديل قانون الجنسية وضع حد لمتاعب العديد من المغربيات المتزوجات بالأجانب في علاقتهن بأبنائهن الذين كانوا لا يحملون الجنسية المغربية كجنسية أصلية ووضع حد للعلاقة الذكورية كمصدر للجنسية المغربية كجنسية أصلية.
المرأة المغربية وقانون الأسرة

لقانون الأسرة في المغرب تاريخ طويل قبل أن يتم تقنينه في ما بين 1957 و 1958، في ما عرف بمدونة الأحوال الشخصية، ورغم أن اللجنة التي كلفت بوضع المدونة قد قامت ببعض الإصلاحات إلا أنها قد بقيت قيد الموقف المذهب المالكي الكلاسيكي الذي يختزل التصور السياسي للسلطة حول ما ينبغي أن تكون عليه العلاقة بين الرجل والمرأة وما يترتب عليها.
ذلك أن الأبوة هي الوسيلة الأساسية لتحديد البنوة في القانون الأسري المغربي شأنه شأن كل المدارس الفقهية الإسلامية.
إن قانون الأسرة، تبعا لذلك، شكل قلعة وحصنا حصينا للقواعد المتعلقة بالفقه الإسلامي مع السماح لدخول بعض قواعد القانون الوضعي لفصوله، وفي هذا الإطار ليست هناك حدود واضحة لمجالات تطبيق مختلف القواعد المنظمة للأسرة باعتبارها الخلية الأولى داخل المجتمع.
وقد عرفت مدونة الأسرة تعديلات عديدة مع ذلك سمحت إلى حد ما بالأخذ بعين الاعتبار مبدأ المساواة بين الزوجين في تدبير البيت والإشراف على الأبناء، وفي هذا الإطار ذهبت المادة 24 من مدونة الأسرة إلى الحد من مفهوم قصور المرأة من خلال التنصيص على أن الولاية حق للمرأة تمارسه الراشدة حسب اختيارها ومصلحتها وأكدت المادة 25 أن المرأة الراشدة تعقد زواجها بنفسها أو تفوض ذلك لأبيها أو لأحد أقاربها.
كما أن الحقوق والواجبات أصبحت متبادلة بين الزوجين ومثالها المساكنة الشرعية بما تستوجبه من معاشرة زوجية وعدل وتسوية عند التعدد وإحصان كل منهما وإخلاصه للآخر بلزوم العفة وصيانة العرض والنسل.
المعاشرة بالمعروف وتبادل الاحترام والمودة والرحمة والحفاظ على مصلحة الأسرة…
تحمل الزوج مع الزوجة مسؤولية تسيير ورعاية شؤون البيت والأطفال.
التشاور في اتخاذ القرارات المتعلقة بتدبير شؤون الأسرة والأطفال وتنظيم النسل.
حسن معاملة كل منهما لأبوي الآخر ومحارمه واحترامهم وزيارتهم و استزارتهم بالمعروف
وحق التوارث بينهما .
وعند إخلال أحداهما بالتزاماته فإن المادة 52 أعطت بالتساوي للآخر الحق في المطالبة بتنفيذ ما هو ملزم به أو اللجوء إلى مسطرة الشقاق المنصوص عليها في المواد من 94 إلى 97 وما بعده.
في ما يخص الجانب الاقتصادي والثروة بعد الزواج:
على عكس ما كان سائدا فإن مدونة الأسرة أخذت بعين الاعتبار مجموعة من القواعد المستمدة من النسق القانوني المغربي في تعدديته لتنظيم الثروة بعد الزواج، وهكذا ذهبت المادة 49 من قانون الأسرة إلى أنه لكل واحد من الزوجين ذمة مالية مستقلة عن ذمة الآخر غير أنه يجوز لهما في إطار تدبير الأموال التي ستكتسب أثناء قيام الزوجية، الاتفاق على استثمارها وتوزيعها.
يضمن هذا الاتفاق في وثيقة مستقلة عن عقد الزواج حيث يقوم العدلان بإشعار الطرفين عند زواجهما بالأحكام السالفة الذكر.
إذا لم يكن هناك اتفاق فيرجع للقواعد العامة للإثبات مع مراعاة عمل كل واحد من الزوجين وما قدمه من مجهودات وما تحمله من أعباء لتنمية أموال الأسرة، والملاحظ أن المادة تضمنت ثلاث قواعد قانونية.
أولها مستمدة من الفقه المالكي القائم على نظرية الأموال المنفصلة أو استقلال الذمة المالية.
والثانية قائمة على نظرية الأموال المشتركة المستمدة من القانون الوضعي المدني.
والثالثة هي تطبيق للقواعد العرفية المتمثلة في نظام الكد والسعاية.
ضمان المساواة وحقوق المرأة العاملة.
احتراما للحقوق والحريات التي يضمنها الدستور لعالم الشغل علاوة على مبادئ حقوق الإنسان كما هو متعارف عليها عالميا والاتفاقيات الصادرة عن منظمة العمل الدولية المصادق عليها من طرف المغرب، وخاصة المتعلقة بحماية المرأة والطفل فقد تضمن، القانون رقم 99-65 المتعلق بمدونة الشغل مجموعة من القواعد القانونية الهدف منها حماية حقوق المرأة العاملة ومنها، حماية الأمومة.
بحيث جاء في المادة 152 «تتمتع الأجيرة التي ثبت حملها بشهادة طبية بإجازة ولادة مدتها أربعة عشر أسبوعا، ما لم تكن هناك مقتضيات أفيد في عقد الشغل، أو اتفاقية الشغل الجماعية، أو النظام الداخلي.
كما نصت المادة 153 على أنه لا يمكن تشغيل الأجيرات النوافس أثناء فترة الأسابيع السبعة المتصلة التي تلي الوضع.
يسهر المشغل على تخفيف الأشغال التي تكلف بها المرأة الأجيرة أثناء الفترة الأخيرة للحمل، وفي الفترة الأولى عقب الولادة.
المادة 154 يحق للمرأة الأجيرة، أن توقف سريان عقد الشغل فترة تبتدئ قبل تاريخ توقع الوضع بسبعة أسابيع وتنتهي بعد تاريخ الوضع بسبعة أسابيع.
المادة 158 يمكن للأجيرة الحامل، إذا أثبتت حملها بشهادة طبية أن تترك شغلها دون إخطار، ولا يلزمها تأدية تعويض عن عدم الإخطار، ولا عن إنهاء العقد.
المادة 164: يكون باطلا بقوة القانون كل اتفاق ينافي أحكام المواد من 152 إلى 163.
المادة 165 يعاقب بغرامة من 000.00. 10،درهم إلى20.000.00 درهم عن الأفعال التالية:
إنهاء عقد شغل أجيرة حامل، أثبتت حملها بشهادة طبية أو نفساء وهي في فترة الأربعة عشر أسبوعا الموالية للوضع خارج الآجال المنصوص عليها في المادة 159.
تشغيل الأجيرة وهي نفساء في فترة السبعة أسابيع الموالية للوضع .
رفض توقيف عقد شغل الأجيرة خلافا لأحكام المادة 154.
يعاقب بغرامة من 2000درهم إلى 5000درهم عما يلي:
رفض تمتع الأم الأجيرة بفترة الاستراحة الخاصة، المستحقة لها خلال أوقات الشغل من أجل إرضاع مولودها أثناء المدة المنصوص عليها في المادة 161.
عدم التقيد بأحكام المادة 168، المتعلقة بإحداث الغرفة الخاصة بالرضاعة.
وعدم التقيد بالنصوص التنظيمية الجاري بها العمل، في ما يتعلق بشروط قبول الرضع، وتجهيز عرف إرضاع المواليد وحراستها وتوفير مستلزماتها الصحية.
تشغيل النساء والأحداث ليلا المادة 172
الأشغال الممنوعة على النساء والأحداث والأحكام الخاصة بتشغيل النساء والأحداث المواد 179/183.
إن النصوص القانونية المغربية حاولت أن تساير الاتفاقيات الدولية السائدة في مجال حقوق المرأة.
وعليه فإن بناء السلطة في أجواء ديمقراطية يتيح للمرأة المشاركة الفعلية في صنع القرار السياسي وهو الشيء الذي يهيئ الأجواء المناسبة لولادة مجتمع قائم على العدالة واحترام حقوق الإنسان، ذلك أن أهم ما يجب أن تقاس به درجة رقي المجتمع هو قيام المرأة بمهامها السياسية ووظيفتها الوطنية وذلك لن يتم إلا بتكوين الوعي بشكل المرأة من خلال رفعها إلى مستوى تستطيع معه أن تفهم فيه مشاكلها، وارتباط هذه المشاكل ارتباطا تركيبيا بالمشكل المغربي العام على أساس وحدة النضال بين المرأة والرجل نظرا لوحدة المصير بينهما، وذلك للخروج من الهيمنة التي يكرسها القانون ويسجلها حرفيا المجتمع، وهذا أكيد ما سوف يعرفه النقاش من أجل تحديث القواعد القانونية في الاتجاه الذي سوف يكرس قواعد المساواة والقضاء على التمييز بجميع أشكاله .

(*) محامي بهيئة الدار البيضاء


الكاتب : د. محمد امغار (*)

  

بتاريخ : 02/09/2023