«تعطيل» خدمات مستشفيات وإدارات ومؤسسات مختلفة في وجه الصم والبكم

 

تتواصل محن الأشخاص الذين يعانون من إعاقات مختلفة مع مجموعة من الإدارات والمؤسسات، التي تختلف أشكالها وصورها، ولا تقف عند حدود الولوجيات بالنسبة لمن يعانون من إعاقات حركية، إذ أن الولوج إليها وإلى خدماتها لا يتحقق وإن تواجدت الأجساد داخل هذه الفضاءات بشكل أو بآخر.
معاناة تبرز معالمها أكبر بالنسبة لمن يعانون من الصمم، ويتعذر عليهم الكلام، الذين لا يجدون مخاطبا يفهم لغة الإشارات، ويصبح التعبير خارج دائرة ما هو كتابي أمرا مستعصيا، خاصة أن هذا الحل ليس متاحا للجميع. ومن أبرز المتناقضات ألا تجد هذه الفئة من يحس بآلامها حين تقصد مؤسسة صحية، وهي تعاني من عارض صحي، فلا تستطيع إيصال الأعراض التي تعاني منها إلى مخاطبها، الذي لا يتقن لغة الإشارة، والذي يكون مطالبا بالتواصل مع حشود غفيرة كلها تبحث عن العلاج في نفس الوقت، والحال أنه كان يجب توظيف موارد بشرية متمكنة من التواصل بالإشارات، لكي لا يتم حرمان هؤلاء المواطنين والمواطنات، صغارا وكبارا، من خدمة صحية، قد تكون مستعجلة ويتوقف عليها استمرارهم في الحياة؟
وضع، لا تعرفه المستشفيات فقط، وتحديدا بجهة الدارالبيضاء سطات، إذ أن مجموعة من الإدارات والمؤسسات المختلفة، المنتخبة وغيرها، الخاصة والعامة بالعاصمة الاقتصادية نموذجا، تفتقد لموارد بشرية على علم بلغة الإشارة، حتى تقوم بتوجيه المرتفقين والمرتفقات ممن يعانون من هذه الإعاقة صوب الوجهات الصحيحة، وتبسيط المساطر أمامهم لقضاء أغراضهم الإدارية، وهو ما يجعل الكثيرين يتخبطون وسط دائرة من التيه، ويسعون لتدبر حلول بأنفسهم، لأن كل أشكال التواصل مع الغير تكون منعدمة، وهو ما يعني تعذر تحقيق الهدف الذي لأجله طرقوا أبواب تلك الإدارة/المؤسسة.
صعوبات متعددة، تكشف وبالملموس حجم المعاناة المستتر الذي لا ينتبه إليه الكثير من المسؤولين عن سن السياسات العمومية في بلادنا، ما دامت فئة عريضة تقّدر بحوالي 100 ألف مواطن ومواطنة، وفقا لأرقام تقريبية لفاعلين مدنيين، هي محرومة من حقوق أساسية نصّ عليها دستور المملكة، ويتعذر عليها الاستفادة من حقوق أخرى مدنية وسياسية واجتماعية، فقط لأن تدبير ملف الإعاقات والاحتياجات الخاصة في المغرب، ينطلق من رؤية عامة بعيدا عن خصوصيات كل إعاقة، مع التركيز على بعضها دونا عن الأخرى، وفقا لتأكيد مهتمين وخبراء في المجال، الأمر الذي يحول دون تحقيق التكافؤ والعدالة بين الأشخاص الذين يعانون من إحدى أو عدد من هذه الإعاقات؟


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 28/09/2021