جلالة الملك يترأس حفل توقيع اتفاقية لإطلاق الوحدات الصحية المتنقلة لفائدة العالم القروي

يمثل نموذجا جديدا للتدخل الطبي يزاوج بين توفير العلاج عن قرب والتطبيب عن بعد

  وحيد مبارك – ومع

ترأس جلالة الملك محمد السادس، أول أمس السبت بالقصر الملكي بالرباط، حفل توقيع اتفاقية شراكة بين مؤسسة محمد الخامس للتضامن ووزارة الصحة والحماية الاجتماعية وشركة ميديوت تيكنولوجي، والتي تتمحور حول إطلاق برنامج الوحدات الصحية المتنقلة المجهزة بتقنيات الاتصال عن بعد، الذي يهدف إلى تحسين ولوج ساكنة العالم القروي للخدمات الصحية.
وتأتي هذه الاتفاقية التي وقّعها كل من وزير الصحة والحماية الاجتماعية خالد آيت الطالب ومحمد الأزمي منسق وعضو المجلس الإداري لمؤسسة محمد الخامس للتضامن، ومحمد بنعودة الرئيس المدير العام لشركة « ميديوت تيكنولوجي»، لتؤكد القناعة العميقة والراسخة لجلالة الملك بجعل الحق في الولوج إلى الخدمات الصحية، إحدى الدعامات الأساسية لتوطيد المواطنة وتحقيق تنمية بشرية شاملة ومندمجة، كما يندرج برنامجها في إطار الورش الملكي لإصلاح المنظومة الصحية وتعميم الحماية الاجتماعية، ويمثل نموذجا جديدا للتدخل الطبي الذي يزاوج بين توفير العلاج عن قرب والتطبيب عن بعد، من خلال نشر وحدات صحية مجهزة بتقنيات الاتصال عن بعد في المناطق التي تعاني من خصاص في الولوج إلى الخدمات الصحية.
وكانت الجائحة الوبائية لفيروس كوفيد التي انطلقت شرارتها من يوهان الصينية في 2019، قد بيّنت الحاجة الكبيرة إلى استثمار التقنيات الحديثة من أجل تمكين المواطنين من الولوج إلى الخدمات الصحية عن بعد، بشكل يضمن استمرارية تقديم الاستشارات الطبية والعلاجات رغم كل الإكراهات والتحديات المختلفة التي قد تشكّل عائقا، سواء منها الوبائية أو المجالية، كما هو الحال بالنسبة كذلك للتقلبات المناخية خلال موسم البرد، الذي تعمل الدولة بمختلف مكوناتها على مواجهته ببرنامج رعاية، ومختلف القوافل الطبية التي يتم تسخيرها لهذا الغرض.
ويرى العديد من المهتمين بالشأن الصحي أن المبادرة التي أشرف عليها جلالة الملك من شأنها أن تساهم في تجاوز النقائص التي تعرفها الخريطة الصحية، سواء تعلق الأمر بالخصاص والنقص في الموارد البشرية أو على مستوى البنيات الصحية في بلادنا، وبالتالي المساهمة في الرفع من أداء ومردودية المنظومة الصحية وتجويد عملها، ودعم عمل أكثر من 2000 مركز صحي قروي، وذلك بتقريب الخدمات الصحية المختلفة من فئة مهمة من المواطنين المغاربة الذين يقطنون بالجبال والقرى، التي تتسم بوعورة الطرق وصعوبة المسالك والبعد عن المؤسسات الاستشفائية، خاصة تلك التي تحضر فيها التخصصات الطبية المختلفة.
وأكد عدد من الفاعلين الصحيين في تصريحاتهم لـ «الاتحاد الاشتراكي» أن الخطوة الجديدة تنضاف إلى سلسلة خطوات ومبادرات ذات أبعاد صحية، التي أشرف عليها الملك محمد السادس، والتي من شأنها تعبيد الطريق أمام بلادنا من أجل بلوغ السيادة الصحية في مفهومها الشامل والواسع، مشددين على أن آثارها الإيجابية على المواطنين كانت ملموسة على أكثر من مستوى، سواء تعلق الأمر بالدعم الذي كانت تخصصه برامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية لقطاع الصحة، أو بالمشروع الملكي الرائد للحماية الاجتماعية، والذي من بين ركائزه الأساسية تعميم التغطية الصحية، وقبله كيف دبّر المغرب أزمة جائحة كورونا، بالموازاة مع الجهود المبذولة في الشق المتعلق بالأدوية من خلال دعم التصنيع المحلي، بشكل يجعل من هذه الحلقات الصحية تحقق تكاملا في ما بينها للنهوض بقطاع الصحة بشكل أكبر، وهو ما تترجمه كذلك التشريعات المصاحبة لتفاصيل هذا الورش الصحي الكبير.وبالعودة إلى تفاصيل برنامج الوحدات الصحية المتنقلة، فستضم كل وحدة من هذه الوحدات، طبيبا عاما، وممرضين/ممرضتين، ومساعدة إدارية، وقد تم تزويدها بتجهيزات متطورة للطب الحيوي تمكن من ضمان القيام باستشارات طبية حضورية للطب العام واستشارات طبية متخصصة عن بعد، عبر الربط بالمنصة المركزية للتطبيب عن بعد، والتي تتكون من متخصصين في طب النساء والتوليد، وطب الأطفال، وأمراض الغدد الصماء، والأمراض الجلدية، وطب الأنف والأذن والحنجرة، وأمراض القلب وأمراض الرئة. ويعتمد تنفيذ هذا البرنامج، في مرحلة أولى تمتد لسنة واحدة، على نشر 50 وحدة صحية متنقلة مجهزة بتقنيات الاتصال عن بعد في مختلف جهات المملكة، وخاصة على مستوى 40 إقليما، حيث تم اختيار هذه الأقاليم بناء على تحليل لمعطيات تموقع مراكز الصحة على المستوى الإقليمي. وتتطلب المرحلة الأولى لهذا البرنامج تعبئة 20 طبيبا متخصصا بالنسبة للمنصة المركزية للتطبيب عن بعد، و50 طبيبا عاما، و100 ممرض/ ممرضة، و100 مساعدة، يتوزعون على مختلف الأقاليم، إلى جانب تعبئة مبلغ مالي بقيمة 180 مليون درهم.
وإلى جانب وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، القطاع الوصي على الصحة، ومؤسسة محمد الخامس للتضامن التي راكمت تجارب وخبرات وكان لها حضورها القوي في أكثر من مناسبة من خلال قوافلها المتعددة وخبرات أطرها ميدانيا، تحضر كذلك شركة «ميديوت تيكنولوجي» في هذا البرنامج باعتبارها شريكا أساسيا، ويتعلق الأمر بشركة رائدة في مجال التكنولوجيا المتطورة والإلكترونيات الدقيقة وتكنولوجيا المعلومات ذات الصلة بمهن الطب والمدن الذكية، والتي تعتمد على الذكاء الاصطناعي في المجال المتعلق بالاستشارات الطبية عن بعد.


بتاريخ : 30/10/2023