خلال المجلس الوطني للفدرالية الديمقراطية للشغل .. المصادقة على تاريخ انعقاد المؤتمر الوطني الخامس

عبد الحميد فاتحي: المواطن المغربي بقي وحيدا في مواجهة لهيب الأسعار
مقابل تمكين شركات توزيع المحروقات من تحقيق أرباح خيالية

 

صادق المجلس الوطني الفيدرالي المنعقد، يوم أمس السبت 19 نونبر 2022 بالمقر المركزي بالدارالبيضاء، على عقد المؤتمر الوطني الخامس للفدرالية الديمقراطية للشغل أيام 23، 24 و 25 بمركز مولاي رشيد ببوزنيقة.
ويندرج انعقاد هذا المجلس في إطار استكمال التحضيرات للمحطة التنظيمية الأساسية المتعلقة بالمؤتمر، وكذا مناقشة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الناتجة عن تداعيات الجائحة والحرب الروسية الأوكرانية، ومدى تأثيرها على الحياة المعيشية للمواطنين

وفي هذا الصدد قدم عبد الحميد فاتحي، الكاتب العام للفيدرالية الديمقراطية للشغل، عرضا أمام أعضاء المجلس الوطني أشار من خلاله إلى « أن بلادنا تأثرت كباقي دول العالم بمخلفات جائحة كورونا وتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، في سياق سياسي أنتج خريطة سياسية جديدة عمادها المال والسلطة، وحكومة لا تخفي توجهها لحماية الرأسمال وتسويق خطاب اجتماعي غير متسق مع القرارات السياسية والاقتصادية، التي اتخذتها هذه الحكومة منذ تنصيبها»، حيث أكد الكاتب العام للفيدرالية في هذا الجانب
أن « المواطن المغربي، في ظل تفاقم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، بقي وحيدا في مواجهة لهيب الأسعار الذي أتى على الجزء الأساس من القدرة الشرائية، ووسع من دائرة الفقر والهشاشة، أمام عدم اتخاذ الحكومة لأي إجراءات اجتماعية ملموسة للحد من تداعيات الجائحة أو تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، مما مكن شركات توزيع المحروقات من تحقيق أرباح خيالية» ، في إشارة إلى الارتفاع المهول في أسعار المحروقات، «مقابل تجميد الأجور والترقيات وإفراغ الحوار الاجتماعي من محتواه، من خلال التوقيع على سلم اجتماعي على بياض…».
وأضاف المسؤول النقابي بأنه « في الوقت الذي تكتوي الشغيلة المغربية بنار الأسعار، لا نجد صدى للزيادات الأخيرة التي تم التوقيع عليها في الحوار الاجتماعي الأخير بين الحكومة والمركزيات النقابية الأكثر تمثيلية في أوساط الطبقة العاملة»، بحيث اعتبرها جد هزيلة، مشيرا إلى أن زيادة 5% في الحد الأدنى للأجر لا تتعدى 15 درهما و5% الثانية في شتنبر 2023 لاتزال رهينة بإخراج القانون التنظيمي للإضراب وتعديل مدونة الشغل…» .
أما بالنسبة للوظيفة العمومية والجماعات الترابية والمؤسسات العمومية، فلا حديث لدى الحكومة وشركائها عن تحريك للأجور، موضحا في نفس الوقت « أن مشروع ميزانية 2023 لا نجد فيه سوى 28 ألف منصب شغل بالموازاة مع تراجع التشغيل بالمؤسسات والمقاولات العمومية».
وفي معرض حديثه عن ترويج الحكومة لخطاب الإصلاحات وبناء الدولة الاجتماعية، شدد عبد الحميد فاتحي في هذا الجانب على « أن القضايا الأساسية لأي سياسة عمومية تدعي بناء الدولة الاجتماعية هي تحسين وتطوير القطاعات الاجتماعية الكبرى»، وفي مقدمتها قطاع التربية والتكوين الذي لم يعرف الاستقرار منذ عقود، ومازالت الاختلالات التي يعرفها قائمة لحد الآن، سواء من حيث الهدر المدرسي أو جودة التعلمات، مع استمرار تهميش مطالب الشغيلة التعليمية والتعامل معها بمنطق حسابي مالي توازني على حساب أجيال من المغاربة»، وهو ما أكدته وقائع التفاوض بين الوزارة والنقابات حول النظام الأساسي لرجال ونساء التعليم.
وذكر الكاتب العام للفيدرالية في سياق حديثه عن القطاعات الاجتماعية بما يعانيه قطاع الصحة من نقص ملحوظ في الأطر الصحية من أطباء وممرضين، وفي البنيات الاستشفائية التي مازالت قاصرة عن استيعاب الطلب المتزايد على التطبيب والاستشفاء، وذلك رغم المخطط الرامي إلى تعميم المراكز الاستشفائية الجامعية على مختلف الجهات، علما أن التغطية الصحية عرفت مؤخرا التوسع إلى الفئات المهمشة والحرفية…، لكن ذلك لم يوازيه توفير الموارد البشرية الكافية والإمكانيات المادية واللوجيستيكية اللازمة، لإصلاح المنظومة الصحية.
واعتبر عبد الحميد فاتحي، في هذا الصدد، أن النموذج التنموي الجديد الذي أسفر عن مشروع مجتمعي لمعالجة الاختلالات الكبرى لا يلمس المواطن المغربي ترجمته على مستوى السياسات العمومية، وأن الآفاق التي بشر بها هذا النموذج مازالت بعيدة المنال. وأضاف بأن البرامج الحكومية السابقة والحالية لم تفلح في إيجاد حلول عملية لواقع البطالة المزمن، إذ لاتزال بطالة الخريجين تشكل النسبة العالية.
وتطرق عبد الحميد فاتحي في عرضه إلى ملف إصلاح التقاعد، حيث اعتبره « من أعقد الملفات التي تكتسي خطورة بالغة»، مشيرا في هذا الجانب إلى «أنه مع مطلع سنة 2026 ستعود وضعية الصندوق المغربي للتقاعد إلى الاختلال والعجز، وقد بدأت الحكومة تستعد لمراجعة مقياسية لهذا الصندوق بمنطق تقزيمي لمعاشات المغاربة، الشيء الذي يتطلب، حسب الكاتب العام للفيدرالية الديمقراطية للشغل، تجندا جماعيا لكل المكونات الاجتماعية لمواجهة هذا المخطط الذي ستكون له تداعيات خطيرة على الوضع الاجتماعي لمختلف الشرائح الاجتماعية من موظفين ومستخدمين وأجراء. كما يعرف الصندوق الجماعي لمنح رواتب التقاعد تراجعات كبرى – يضيف عبد الحميد فاتحي- بتمرير الحكومة لمرسوم أعاد النظر في المراجعة السنوية للمعاشات وحرمان عشرات الآلاف من المستخدمين من حقهم في تقرير معاشاتهم.
أما بالنسبة لمشروع القانون التنظيمي للإضراب المودع لدى مجلس النواب ومنذ سنة 2016، فقد اعتبره «يشكل خطرا حقيقيا على الحريات النقابية وعلى الفكرة النقابية برمتها»، وأكد في هذا الصدد على «أن تتحمل الجهات المسؤولة مسؤوليتها في أي مس بالحريات النقابية التي هي جزء من الحريات العامة التي ناضلت وضحت من أجلها أجيال من الوطنيين والمناضلين التقدميين».
وفي المقابل شدد المسؤول النقابي على ضرورة إخراج قانون النقابات قصد تنظيم وعقلنة الحقل النقابي وتأطيره ومراقبة المال العمومي، في إشارة إلى الدعم الموجه للنقابات، حيث ذكر في هذا الصدد بأن الفيدرالية الديمقراطية للشغل سبق وأن طالبت بإخراج هذا القانون سواء في إطار الحوار الاجتماعي أو من داخل المؤسسة التشريعية.
وعن انتخابات مناديب العمال بالقطاع الخاص فقد اعتبر أنها « تتم في ظروف تجردها من كل مصداقية، بحيث تعتمد على العلاقات والانتماءات السياسية وعلى المال وفي كثير من الأحيان على ترهيب الأجراء»، مذكرا باستمرار المخطط الذي يستهدف إقصاء الفيدرالية الديمقراطية للشغل من التمثيلية.
وعلى المستوى التنظيمي أشار عبد الحميد فاتحي إلى أن المؤتمر القادم ينبغي أن يكون انطلاقة لمشروع فيدرالي يعيد الاعتبار والمصداقية للعمل النقابي، وطريقة لكسب التمثيلية في الاستحقاقات القادمة.
وتميزت أشغال المجلس الوطني الفيدرالي المشار إليه، بمداخلات ونقاشات أعضاء المجلس الوطني الفيدرالي، حيث انصبت على الوضع الاجتماعي الكارثي الذي تعاني منه الشغيلة المغربية والطبقة العاملة ومختلف الشرائح، التي تئن تحت وطأة الهشاشة والفقر، بسبب تدني القدرة الشرائية، جراء الارتفاع المهول في أسعار المواد الغذائية الأساسية وأسعار المحروقات، في ظل عدم اتخاذ أي إجراءات ملموسة من طرف الحكومة للحد من تأثيرات الأزمة الاقتصادية على حياة المواطنين.
كما انصب نقاش أعضاء المجلس على أهمية المحطة التنظيمية المتعلقة بعقد المؤتمر الوطني الخامس للفيدرالية الديمقراطية للشغل، إذ أكدت كل التدخلات على ضرورة جعلها محطة أساسية وهامة تجيب عن الأسئلة التنظيمية والنضالية الحارقة التي تحاصر مناضلي الفيدرالية في ظل مشهد نقابي يتسم بالضبابية ووضع اجتماعي مقلق مشوب بالتوتر والاحتقان، مشددة (التدخلات ) على أن تجيب مخرجات المؤتمر على ما تتطلبه المرحلة الراهنة من عمل نقابي جاد ومسؤول قادر على ابتداع آليات اشتغال جديدة ومواكبة التطورات والتحولات التي يشهدها واقع الشغل، وتشهدها متطلبات العمل النقابي، وكذا اتخاذ المواقف النضالية الضرورية لمواجهة الهجوم المتواصل لضرب القدرة الشرائية للمواطنين.
وكانت أشغال المجلس الوطني الفيدرالي قد عرفت تقديم ومناقشة أوراق ومشاريع مقررات المؤتمر المزمع تنظيمه خلال شهر دجنبر المقبل.
وعلى هامش أشغال المجلس الوطني الفيدرالي، وفي سياق الحوار الجاري حول النظام الأساسي الجديد لموظفي قطاع التربية الوطنية، صرح الصادق الرغيوي، الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم (ف د ش) بأن النقابة تلقت الدعوة لعقد لقاء مع وزير التعليم، يوم الاثنين 21 نونبر 2022، لمناقشة تطورات العرض حول المطالب العالقة والنقط الخلافية، مذكرا بمجريات ومراحل الحوار القطاعي، الذي انطلق بالتوقيع على الاتفاق المرحلي في 18 يناير 2022 مع رئيس الحكومة ووزير التربية الوطنية، وتم خلاله عقد ما يزيد عن 30 اجتماعا من أجل إخراج نظام أساسي منصف، محفز وموحد ومدمج للأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد.
وتأتي هذه الدعوة لعقد اللقاء مع وزير التعليم، حسب كاتب عام نقابة التعليم، بعد إصدار التنسيق النقابي الخماسي لبيان يطالب فيه بالحسم في النقط الخلافية وإعطاء مهلة أسبوع في هذا الشأن لتجاوز التعثر الذي ساد المرحلة الأخيرة من الحوار الاجتماعي القطاعي.


الكاتب : بوشعيب الحرفوي

  

بتاريخ : 21/11/2022