داء الْحَياة

 

في كُلِّ ذاتٍ مِساحَةٌ خَضْراء.
في هذا الْحَيِّزِ ثَمَّةً عَدَمُ اكْتَراثٍ لِلتَّعاقُبِ،
وَعَدَمُ انْتِباهٍ مُفْرِطٍ إِلى عَجَلَةِ الْوَقْت.
عَلَيْنا في هذا الفَضاء،
الْأَنْقى مِنْ شَوائِبِ الزَّوال،
وَمَتاعِبِ الْعابِرِ في التِّرْحال،
أَنْ نَحْرِصَ عَلى قَهْوَةِ الْمساء.

أَحْيانًا..
لا يَسْتَعْجِلُ اسْتيعابَ الْعالَمِ.
يَسْتَبْطِئُ كُلَّ فَهْمٍ،
كَما لَوْ أَنَّ في عَقْلِهِ بَعْضٌ مِنْ عَتَهٍ.
حينَ الاسْتيعابُ يَتِمُّ،
بَعْدَ ما يَكْفي مِنْ وَقْتٍ،
يَكونُ اسْتِيعابًا مُحيطًا بِذاتِه.

كُلَّما قامَ بِنَزعِ الْأَوْراق الذَّابِلةِ،
شَعَرَ أَنَّ الْيانِعَ نَباتًا في الْأَصيص،
كَما لَوْ أَنَّهُ يَرْفَعُ الْقُبَّعَةَ عِرْفانًا.
هَلْ لِأَنَّ الْحَيَّ في التُّرابِ لا يَقْبَلُ مِنَ الْإِراداتِ غَيْرَ إِرادَةِ الْحَياة؟

كانَ في بُسْتانِ ذاتِه، حينَ سَقَطَتْ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ نَفْسُه. كانَ يُناغيها كَطِفْلَة.
مَرْعوبًا هَرعَ بِها إِلى الْمسْتَعْجَلات. بَعْدَ ما يَكْفي مِنْ تَوَجُّسٍ مَحْمومٍ في قاعَةِ الانْتِظار، قيلَ لَهُ اسْتَعادَتْ وَعْيَها، وَهِيَ، بَعْدَ الشّامِلِ مِنْ الْفُحوص،
تَأَكَّدَ أَنَّها مُصابَةٌ فَقَطْ بِداء الْحَياة.


الكاتب : محمد بوجبيري

  

بتاريخ : 03/12/2021