شجر.. شجر

شجر للنعاس، شجر للغدّوّ، شجر للرّواح،
شجر لغفوة القيلولة، شجر لسهام الحب القصيرة المضرجة بدماء العاشقين،
شجر لأسماء الحبيبات القديمات، شجر لدفن الذكريات البعيدة،
شجر القبلة الأولى، شجر الوداع الأخير،
شجر لشاي الغروب، شجر لاستراحة المحارب، شجر للردهات السرية لقلوب النساء الصامتات،
شجر العرعر العظيم، شجر الصفصاف العالي، شجر السِّدر الظليل،
شجر الغابات التي لم تطأها أقدام البشر، الغابات الموغلة في عزلتها، الغابات القصية عن أنظار القناصين والحطابين وعن الفؤوس الغادرة.
شجر الهواء الرفيف والسماء الخفيضة، والغربان الناعقة، شجر الأضرحة الخضراء والقباب المدوّرة، شجر التمائم المعلقة بين أوراق الجذوع، شجر القصور المحروسة، شجر القلاع المطلة على البحار العالية.
شجر الزيتون المبارك، والتين المدلى، وثمار الرمان القرمزية، وثمار التوت البري الصغير.
الشجر المُزنَّر بالبياض الأليف، الشجر المقصوص الأنيق، المراوح لأعمدة الكهرباء النحاسية بمداخل المدن.
الشجر المرسوم في عيون الحرائر والأحرار، الشجر العالي في سريرة الأرواح الصافية.
الشجر العابر خلف زجاج القطارات المسافرة، والشجر العابر للأحلام السرمدية، وللذاكرات المنخورة، الشجر العاري تحت سياط الريح العاتية، الشجر الشاهد على بوح العابرين،
وعلى الألم المُمضّ للمظلومين، وعلى خطط الهاربين من أسنان المقصلة، وعلى الأرواح المحلقة للأحباب الميّتين، وعلى غضب الشوارع العتيد.
شجر..شجر.

من ديوانها الصادر أخيرا «يد لا تهادن»


الكاتب : أمل الأخضر

  

بتاريخ : 13/05/2022