صورها تشوّه جمالية المكان : بقايا شعوذة ونفايات تحوّل جنبات سيدي عبد الرحمان إلى نقطة سوداء؟

يشكّل كورنيش وشاطئ عين الذئاب ملاذا للبيضاويين والبيضاويات، الذين يفرون إلى هذه الرقعة البيضاوية طلبا للاستجمام أو لممارسة المشي والتخلص من ضغوط المدينة وأعباء الحياة اليومية. إقبال كبير على مدار السنة، لكن منسوبه يرتفع أكثر ما بين فصلي الربيع والصيف، رغم كل المعيقات التي تحول دون تحقيق المتعة المرجوة كاملة، بسبب جملة من السلوكات التي تخلق التوتر غير ما مرّة، كما هو الشأن بالنسبة لممارسات مجموعة من «حراس الأرصفة» الذين يفرضون تسعيرة خاصة للسماح بركن السيارات مع الدفع مسبقا، في غياب أي سند قانوني يسمح بذلك، وكذا مضايقات عدد من القاصرين الذين يلتصقون بمرتادي الفضاء التصاقا، بهدف الحصول على نقود، أو اقتسام وجبات وقنينات ماء مع أصحابها، سواء كانوا مغاربة أو أجانب، وغيرها كثير من الصور الشائنة التي تتعدد مظاهرها في كورنيش «عاصمة المال والأعمال».
مشاهد لم تمكّن التعديلات التي طالت الكورنيش وغيّرت معالم «واجهته» من إخفائها، بل يكتشف الزائر أخرى أكثر فظاعة، يكون للعنصر البشري فيها دور كبير، والتي تبرز عناوينها بمجرد ولوج رمال الشاطئ، خاصة على مستوى الرقعة المحاذية لسيدي عبد الرحمان، حيث تتواجد مجموعة من الصخور التي تغري الزوار وعشاق التأمل بالجلوس بين أحضانها بحثا عن لحظات استرخاء، أو تستقطب بعض مساحاتها المائية الهادئة الآباء والأمهات رفقة أطفالهم، الذين يجدون فيها ملاذا آمنا للسباحة والاستجمام، بعيدا عن مخاطر كل تقلّب قد يشكل خطرا مروّعا للجميع. صور تستأصل كل بعد جمالي، تتوزع ما بين النفايات المختلفة المكونة من الأكياس والقنينات الزجاجية والبلاستيكية والقارورات المعدنية وقطع الكارطون وبقايا «كيزان الذرة» وغيرها.
مخلّفات بشرية لأشخاص مروا من هناك وبقيت علاماتهم شاهدة عليهم، تنضاف إليها بقايا طقوس شعوذة تحبل بها المنطقة، تتكون من شموع سوداء وبيضاء وتمائم وبقايا معادن وريش وغيرها، تبعث على التقزز والإشمئزاز، وتجثم على صدور الزوار، الذين يجدون أنفسهم أمام مشاهد مستفزة، تطرح أكثر من علامة استفهام عن سرّ استمرارها في رقعة كان من الممكن أن تتحول إلى قبلة سياحية من خلال تصور قابل لتغيير معالم هذه الوجهة نحو التحدث والتطور، عوض أن تظل علامة على «الجهل والتخلف»؟ صور تؤشر على البشاعة وتمسخ كل جمالية خصصت لها ميزانيات ضخمة لإضفاء حلّة على كورنيش «عاصمة المال والأعمال»، وتُغرق شاطئها ورمالها في بحر من النفايات، التي يقوم عمال النظافة بمجهود كبير لجمعها، على طول الكورنيش، إلى جانب حملات يقوم بها فاعلون في المجتمع المدني ومواطنون عاديون، مغاربة وأجانب في مرات عديدة، هدف أصحابها تقديم صورة مغايرة وتحسيس باقي المرتفقين بأهمية الحفاظ على البيئة وعلى نظافة المكان، وحمايتها من أضرار تقترفها أيادٍ عابرة، تتطلب سنوات طويلة من أجل التخلص منها، خاصة حين نكون أمام مخلفات بعضها لا يتحلل إلا بعد 100 سنة؟


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 25/10/2021

أخبار مرتبطة

  بالنسبة لقارئ غير دروب بالمسافات التي قطعها الشعر المغربي الحديث، فإنّه سيتجشم بعض العناء في تلقّي متن القصائد الّتي

« القصة القصيرة الجيدة تنتزعني من نفسي ثم تعيدني إليها بصعوبة ، لأن مقياسي قد تغير ، ولم أعد مرتاحا

أكد على أن تعامل الحكومة مع القطاع ومهنييه يساهم في اتساع دائرة الغموض والقلق   أكد ائتلاف يضم عشر جمعيات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *