فاعلون صحّيون يدعون لوقف تلقيح الأطفال واليافعين ضد كوفيد وضمان حرية الاختيار للبالغين

البروفيسور أمينة بركات: اللجنة العلمية تتقدم بمقترحاتها بكل مسؤولية بعد متابعة كل الدراسات العلمية عبر العالم وتوصياتها تهدف لحماية الصحة العامة

 

 

خلق مجموعة من الفاعلين الصحيين جدلا كبيرا خلال الأيام الأخيرة بتوجيههم لعريضة إلى وزير الصحة تدعو إلى ضمان حرية اختيار المواطنين والمواطنات البالغين لأمر تلقيحهم ضد كوفيد 19 من عدمه وإلغاء جواز التلقيح، إضافة إلى وقف تلقيح الأطفال واليافعين ضد فيروس كوفيد 19، مشددين من خلالها على أن القاصرين لا يصابون بالشكل الحاد من المرض إلا نادرا، وعلى كون المعطيات العلمية الراهنة تبين أنه يصعب الجزم بأن التلقيح له القدرة على حماية الأطفال أو محيطهم من الإصابة بالفيروس، وهو ما يجعل من فرضية تحقيق المناعة الجماعية موضوع شك، تبعا لدراسات دولية حديثة وللمعطيات التي أدلت بها منظمة الصحة العالمية خلال المؤتمر الصحفي الذي عُقد في 10 شتنبر 2021.
العريضة التي وقعها أطباء وصيادلة إلى جانب إحيائيين وممرضين، ركزت أيضا على كون لقاحات مختبر فايزر وسينوفارم لا تزال في المرحلة الثالثة من تجاربها السريرية ورغم ذلك يتم حقنها على نطاق واسع دون مراعاة لمبدأ الاحتراز، وإن لم تثبت بعد فعاليتها ومدى سلامتها لمستعمليها مما يبرر وضع مخطط لليقظة الدوائية. ونبه الموقعون على الرسالة الموجهة لوزير الصحة إلى أن التجارب السريرية للتطعيم المعتمدة على تقنية ARNm والتي همّت الأطفال والمراهقين كانت قصيرة المدة ومحدودة النطاق، داعين المسؤول عن القطاع الصحي إلى نشر نتائج التحليلات الفيزيائية والكيميائية والميكروبيولوجية التي أجرتها مختبرات التحاليل الوطنية المتخصصة بشأن اللقاحات المضادة لفيروس كوفيد 19 والمستخدمة في المغرب، من أجل معرفة التركيب الدقيق لها، بما في ذلك جميع المواد المضافة.
جدل أكدت البروفسور أمينة بركات، عضو اللجنة العلمية، في تصريح خصّت به «الاتحاد الاشتراكي» أنه لا ينطلق من وقائع علمية فعلية، مشددة على أن تقديم اللجنة لمقترحاتها لا يكون
إلا بعد تمحيص دقيق ومتابعة واسعة وتحليل لكل الدراسات والأبحاث العلمية التي يتم إنجازها عبر العالم، مشددة على أن اللجنة العلمية ترفع في النهاية توصياتها معلنة عنها بكل مسؤولية، تبعا للوضعية الوبائية في المغرب خاصة والعالم عموما. وأوضحت بركات، الاختصاصية في طل الأطفال أن ما أوصت به اللجنة إلى غاية اليوم، خاصة في الشق المرتبط بتلقيح الأطفال ما بين 12 و 17 سنة، تم الاستناد فيه على دراسات علمية وخلاصات التجارب السريرية التي تخصّ المرحلة الأولى والثانية، وكذا مستجدات الوضعية الوبائية وتأثيرها على الأطفال واليافعين، مشيرة إلى أن مختبر «سينوفارم» نموذجا، أجرى تجارب ودراسات حتى على الأطفال الذين يبلغون 3 سنوات وتأكدت نجاعة لقاحه.
وأبرزت الخبيرة الصحية في تصريحها الهاتفي للجريدة، أن قرار تلقيح الأطفال جاء أيضا بناء على ما تمت ملاحظته في الموجة الثانية للوباء، خلافا للأولى، إذ تعرض أطفال للإصابة بالفيروس وظهرت حالات خطيرة في صفوفهم، مما تسبب في ولوج مجموعة منهم لمصالح الإنعاش والعناية المركزة، خاصة من يعانون من أمراض مزمنة، وهو الأمر الذي لم يكن مسجلا في الموجة الأولى، وعليه فقد جاء رأي اللجنة القاضي بتلقيح هذه الفئة التي تتميز بالحركية وبالقدرة على التواصل بشكل أكبر، لتفادي انتكاسة جديدة خاصة مع الدخول المدرسي، مما قد يؤدي إلى اتساع رقعة انتشار المرض والإقبال بشكل أكبر على مصالح الإنعاش، وهي الحالة التي يحاول الجميع تفاديها. وفي ردّها عن النقطة المتعلقة بعدم استيفاء التجارب السريرية لكافة أشواطها زمنيا، أوضحت المتحدثة أن التجارب السريرية ستتواصل إلى ما بعد 5 بل وحتى 10 سنوات، وإذا ما انتظر العالم استيفاء هذه المدة فسيكون أمام إبادة لملايين الأشخاص في كل الدول، مبرزة أن ما خلصت إليه الدراسات العلمية المنجزة لحد الساعة، كان كافيا، خاصة وأن الكل يعيش ظرفية استثنائية ويتواجد أمام خصوصية صحية ذات طابع استعجالي، مشددة على أن قرار تلقيح المواطنين لم يكن قرارا مغربيا فحسب بل عالميا، الهدف منه هو التخلص من الفيروس والحدّ من انتشاره والقضاء على متحوراته، وهو ما لن يتأتى إلا بتلقيح الأشخاص.
وأكدت بركات، على أنه عبر العالم كانت دائما هناك موجات ضد التلقيح بشكل عام، لكن بلادنا ظلت في منأى عنها، بفضل نجاعة البرنامج الوطني للتمنيع والنظام المعتمد للتلقيح الذي حقق إيجابيات كبيرة، مشددة على أن اللجنة العلمية تضم في عضويتها مجموعة من الخبراء والمختصين إضافة إلى طبيبين للأطفال، و «لايمكن بأي شكل من الأشكال الدعوة لخطوة تنطوي على مخاطر بالنسبة لبناتنا وأبنائنا»، مختتمة تصريحها بالقول «حتى احنا عندنا وليداتنا».


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 05/10/2021