متى تستعين الدولة بالفضاءات الجماعية لاستقبال الحالات البسيطة وتخفيف الضغط على المستشفيات

مصابون بالفيروس يواصلون الرحيل بسبب التأخر في الكشف والتكفل

ومساطر إدارية جامدة تعمّق الجراح

 

واصل فيروس كوفيد 19 حصد ضحاياه متسببا إلى غاية مساء الأربعاء في وفاة 29 شخصا، إلى جانب تسجيل 1510 حالة إصابة جديدة، 478 منها بجهة الدارالبيضاء سطات، متبوعة بمراكش أسفي التي عرفت تسجيل 240 حالة، فالرباط سلا القنيطرة في المركز الثالث بـ 178 حالة جديدة. وبلغت نسبة الإماتة 1.6 في المائة بمجموع وفيات وصل إلى 743 حالة وفاة، إلى غاية الساعة، في حين ارتفع عدد الحالات النشطة إلى 13994 حالة، تتوزع ما بين المنازل والمستشفيات، بعضها وجد سريرا، والبعض الآخر يفترش الأرض، في حين تم وضع آخرين في قاعات بمستشفيات بدون فائدة ترجى، بما أن وضعهم الصحي يتطلب سريرا إما بالعناية المركزة أو الإنعاش، الأمر الذي تعذر تحقيقه، وهو ما تسبب في الآونة الأخيرة في تسجيل عدد من الوفيات، بينما لم يتمكن البعض الآخر رغم كل الأعراض من إجراء حتى اختبار الكشف عن الفيروس، أو تمكينه من البروتوكول العلاجي وقائيا تفاديا لما لا تحمد عقباه.
وضعية صادمة مؤلمة، فيها الكثير من امتهان الكرامة الإنسانية، وتعبر عن ارتجالية كبيرة في التعاطي مع الجائحة الوبائية ما بعد رفع الحجر الصحي، حيث كان من المفروض أن تكون المصالح المختصة من وزارة للصحة وباقي المتدخلين معها، قد أعدوا العدّة الكاملة لمواجهة انتشار العدوى تقنيا وبشريا، لكن تبيّن بعد تخفيف قيود حالة الطوارئ أن موجة الفيروس عاتية وعالية، وللأسف تحصد في طريقها الكثير من الضحايا يوما عن يوم، وهو ما يجعل عددا من المهتمين بالشأن الصحي يستغربون مواصلة نفس المنهجية في التعامل مع الوباء، في الوقت الذي كان من المفروض أن يتم التشجيع على العلاج المنزلي فعليا بتوفير كل شروطه للمرضى، وتخصيص فضاءات أخرى كبرى لاستقبال الحالات الخفيفة والتي يتعذر عليها متابعة العلاج في البيوت لعامل من العوامل، كما هو الحال بالنسبة لمآوي دور الشباب، والمخيمات والأحياء الجامعية وغيرها من المرافق الجماعية، مع انتداب فرق للمتابعة والمساعدة على تناول الأدوية في توقيتها ومراقبة كيفية التعامل مع الوضع الوبائي والتحسيس والتوعية، وفتح إمكانية التعاقد مع «متطوعين» باعتبارهم مساعدين اجتماعيين، كان من الممكن تكوينهم وإعدادهم خلال فترة الحجر الصحي، وتخصيص تحفيز مادي لهم، مما كان سيوفّر موارد بشرية إضافية في مواجهة الجائحة.
أسئلة كثيرة، تسائل القائمين على الشأن الصحي، الذين منهم من فسح المجال لكل المصابين لولوج المستشفيات، حتى بالنسبة لأولئك الذين يمكنهم الاستشفاء في منازلهم، مما جعل الكثير من الحالات الصعبة والحرجة لا تجد لها موطئ قدم بمستشفى من المستشفيات، وتفاقم الوضع وزادت حدّته في مصالح الإنعاش والعناية المركزة، علما بأنه كان لزاما الاستعانة بهذه المصالح أينما وُجدت لإنقاذ أرواح المواطنات والمواطنين، الذين منهم من كشفت نتائج الفحص بالسكانير إصابته، ويتم التشبث بنتيجة اختبار PCR لتأكيد المرض، وتم منحهم مواعيد مطلع الشهر المقبل لإجرائها، والحال أن الفيروس يفتك بضحاياه في مدة زمنية قصيرة، إذا تمت مواجهته خلالها أمكن دحره، وإذا كان هناك تأخر عُبّدت الطريق أمامه لإزهاق الأرواح.


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 24/08/2020