معادلة بمجهولين

حين شعرت بالرجل الغريب يتعقبني، قلت لنفسي إنه سيعرض علي صفقة الحب. مثلما يحدث للفتيات حين يتبعهن رجال غرباء وهن عائدات من الثانوية. لكنني حين استدرت فوجئت بساطور يتأرجح في يده كما لو أنه لعبة. سيعرض علي إذن صفقة الحب أو القتل. استدرت مرة أخرى نظرت بإمعان إلى عينيه الحادتين الشريرتين، وفهمت أن الحب ليس على القائمة بتاتا. هناك قتل فقط. وأنه علي أن أركض. ركضتُ وركض هو أيضا… ركضت حتى وجدت نفسي داخل بيتنا أراقبه من خلال الفراغات بين الباب والسور الذي نما حوله لبلاب و»بوغانفيليا». راقبت حيرته وهو يلتفت يمينا ويسارا مثل القناص الذي لن يفهم أبدا كيف اختفت الطريدة. لم أخبر أحدا، لم أسأل أستاذ الرياضيات عن المنطق الذي يجعل رجلا غريبا يركض خلف فتاة لا يعرفها ولا يعرف بيتها يريد قتلها بساطور يتأرجح في يده كأنه لعبة. لم أستطع إخباره لأنه كان يقول إن لدي صعوبة في استعمال حواسي. إن الخيط الفاصل بين الواقع والخيال في عقلي قد قطع إلى الأبد. أنا على الدوام أخلط الحياة بالقصص التي أقرؤها وكل المعادلات الرياضية في ذهني هي قصص فشلت في تأليفها :
– يسرق المرء إذا وفقط إذا كان فقيرا.
– البنت الجميلة التي تتجول وحيدة في الغابة معادلة بمجهول واحد «إكس»،هو الأمير على الحصان الأبيض.
هل سيضع يده على فمه ويضحك لما أخبره أنني حين كنت عائدة من الثانوية ركض خلفي رجل غريب لا أعرفه ولايعرفني بساطور حاد مخيف يتأرجح في يده. وتلك معادلة بمجهولين تجعل البنت ترى دائما الرجل ذئبا متنكرا في هيأة جدها. أن الرجل الغريب ولو أنه لم يأخذ روحي، قام بما هو أفظع. مثل اللص الذي يهاجم بيتك ويبعثرأغراضك ولا يأخذ شيئا. بل يترك لك الشك والريبة هدية على الطاولة. كما لو أن رجفة خوف واحدة يمكنها أن تقلب أرض عقلك، وتزيح الستارعن كل المخاوف التي تترصد بك. وأنا الآن في الأربعين كلما وجدت نفسي أمام رجل يعرض علي صفقة الحب السعيدة، ينتابني إحساس أنه يحمل ساطورا حادا
تؤرجحه يده كما لو أنه لعبة.

من مجموعة « أنظر»


الكاتب : سلوى ياسين

  

بتاريخ : 21/09/2020

أخبار مرتبطة

  قد تحمل الحرب الإسرائيلية الجارية علnى قطاع غزة  المفكر المغربي المعروف عبدالله العروي على التفكير في كتابة الجزء الخامس

تعني الكتابة في ما تعنيه، أن تتواجد في مكان آخر بينما أنت قابعٌ في مكان مّحدد المعالم، أي أن تكون

يرتقب أن تستقبل مؤسسة»أرشيف المغرب» معرضا خاصا بمسار عبد الواحد الراضي، القيادي الراحل في حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وقبله

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *