الدارالبيضاء تفتقد لـ «عدالة خضراء» رغم تخصيص ميزانية 796.41 مليون درهم في 3 سنوات لتهيئة حدائقها

نصيب الفرد الواحد فيها 35 سنتمترا مربعا والإسمنت يزحف عليها بقوة

 

عرفت الدارالبيضاء، خلال الفترة ما بين 2015 و 2019 ، برمجة مجموعة من المشاريع ذات البعد البيئي، من أجل إعادة تهيئة وصيانة عدد من المرافق الخضراء، التي تنتقد أغلبية ساكنة المدينة وزوارها على حد سواء، ضعف أعدادها وقلّة مساحاتها، في الوقت الذي تتسع رقعة الإسمنت المسلح بشكل كبير الذي يزحف على المدينة وأرجائها من كل جانب، الأمر الذي يؤدي إلى تراجع الفضاءات الخضراء ويقلص من المساحة المخصصة لكل فرد وفقا للمعايير الدولية. تراجع تؤكده الأرقام التي تشير إلى أن نصيب كل بيضاوي لا يتجاوز 35 سنتمترا مربعا من المساحات الخضراء، في الوقت الذي يوصى بتخصيص 15 مترا لكل شخص، أخذا بعين الاعتبار إشكالية أخرى تتمثل في كون هذه المساحات يعرف حضورها تباينا على مستوى عمالات المقاطعات والأحياء مما يكرّس غياب «عدالة خضراء»، إذ في الوقت الذي تستفيد مناطق بيضاوية من عدد مهم من الفضاءات الخضراء، بالرغم من عدم الوصول إلى تحقيق «الاكتفاء البيئي»، فإن أخرى تعيش فقرا مدقعا وشحاّ كبيرا في مساحاتها.
وتفيد الأرقام التي كشفت عنها جماعة الدارالبيضاء على عهد الولاية السابقة، التي همّت تدبيرها خلال السنوات ما بين 2016 و 2018، والتي تخص عددا من المشاريع الخضراء، أنه جرى تخصيص مبلغ 796.41 مليون درهم لمجموعة من الفضاءات الخضراء، التي تتوزع ما بين إعادة تأهيل حديقة الجامعة العربية الممتدة على مساحة 30 هكتارا بمبلغ 100 مليون درهم، التي انطلقت الأشغال بها في يناير 2016، وحديقة عين السبع التي تقدر مساحتها بـ 10 هكتارات، والتي خصصت لها ميزانية بلغت 250 مليون درهم، وكانت الأشغال قد انطلقت بها في يناير 2017 واستمرت إلى غاية أبريل 2019.
كما همّت الأشغال تهيئة حديقة نيرشور بعين الشق الممتدة على مساحة 5.5 هكتارات بمبلغ 1.8 مليون درهم، إلى جانب إعادة تهيئة حديقة فلسطين ببلفدير التي تبلغ مساحتها 1.5 هكتار بمبلغ 6.2 ملايين درهم، ثم أشغال تهيئة جنبات الطريق السيار الحضري من خلال العمل على تقوية المساحة الخضراء التي تقدر بـ 27.35 هكتارا بميزانية قدرت بـ  45.33 مليون درهم، إضافة إلى إعادة تهيئة حديقة إفريقيا التي تصل مساحتها إلى 2.32 هكتار ، بميزانية وصلت إلى 8.86 مليون درهم، فضلا عن صيانة 400 هكتار من المساحات الخضراء سنويا بغلاف مالي قدره 184.3 مليون درهم، وكذا تهيئة المنتزه البحري لمسجد الحسن الثاني بميزانية قدرها 200 مليون درهم، والتي تضمنت فضاء أخضر.
مبالغ مالية ليست بالهيّنة، وتعتبر مرتفعة، إذا تمكنت فعلا من منح الرونق من جديد لعدد من الفضاءات الخضراء، فإنها وبكل أسف لم تجب عن الاحتياجات الخضراء الكبرى للساكنة البيضاوية ولزوار المدينة ، التي لا تزال معدلاتها منخفضة وليست في متناول الجميع، بالنظر إلى أن كبريات المساحات الخضراء توجد بعيدة عن العمق البيضاوي للعاصمة الاقتصادية وتؤثث مناطق بعينها التي تحظى بـ «وفرة» مقارنة بوضع أحياء أخرى، في الوقت الذي ينكب الاهتمام عالميا على إعداد وإنجاز منتزهات تحتضن عددا من المرافق التي تتيح إمكانيات التنزه وممارسة رياضات المشي وركوب الدراجات الهوائية وغيرها من الآليات التي تندرج ضمن خانة «نمط العيش السليم»، والتي تحتاج بالمقابل إلى سلوكات مواطنة للحفاظ على أي مكتسب يتم الحصول عليه وتجنب إتلافه والإساءة إليه بأي شكل من الأشكال.


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 23/11/2022