بعض نماذج «الرّدةالقومية» بالعالم العربي !!

عبد الله راكز

1/في عمق الرّدة ومآلها

تتحدّد نقاط التماثل بين نظام السيسي بمصر ونظام البرهان وزمرته بالسودان، في أن كلا النّظامين يمارس أقصى درجات القمع البوليسي المقنّع بقوانين تسنها تنابلة السلطان على مقاس السلطان(ولو بدرجة أقل بالسودان).ضد الحريات العامة والشخصية على السواء. وذلك (وهذا غريب)تحت أرْدية من الشعارات البراقة: الديموقراطية (بمصر)
والمصالحة الوطنية (بالسودان).
ممارسة القمع المقنّع،تبدأ دوما من يسار المجتمع بتشكيلاته وأيديولوجياته المتنوعة،وتمتد(أي نعم)حتى يمين المجتمع العصري الوطني. هكذا يُصادر حق جميع الطاقات الحية والفاعلة في المجتمع، في المشاركة في صنع القرارات التي تتعلق بمصيرها ومصير الوطن. وتجعل القرار في النهاية حكرا على الرئيس المُنقذ (=مصر) أو الرئيس البطل الكرتوني (=السودان) أو حتى أقرب معاونيه الذين يتولون مناصب عالية تقتضي وجودها مستلزمات الديكور الديموقراطي (=إعلان الحرية والتغيير؟).
تبدو بجلاء ظاهرة الرّدة «القومية التي دفعت بالنظام في كل من الخرطوم والقاهرة للانفصال «القومي» الإرادي مع سبق الإصرار والترصد عن حركة التّقدم العربية..بأهدافها التحررية السياسية/
الاقتصادية والاجتماعية،وبُعدها المميّز الخاص بالصراع مع الصهيونية.
إذا كان الإنفصال هذا عن حركة التّقدم العربية هو الخطوة الأولى على طريق الرّدة المذكورة،فإن الخطوة التالية التي لا مفر لهذين النظامين الانفصاليين من أن يقطعاها،هي الانحياز كليا وفعليا وبصورة متفاوتة الخفاء،إلى التحالف الأمريكي-الصهيوني العربي بالمنطقة،وعقد المساومات معه التي تؤمّن وجودها على حساب المصالح « القومية «.
هكذا إذن،وكتحصيل،لايقف الأمر عند حدّ انسلاخ نظام البرهان وزمرته عن ثورة 2018-2019 ، ونظام السيسي عن ثورة 2011 .وإنما يتعدّاه إلى تحول النظامين معا إلى قواعد عسكرية لخدمة المصالح الأمريكية-التوسعية بالمنطقة.

2/في الإختراق الصهيوني:

صحيح أن الثورتين المصرية والسودانية لم تنجحا بعد في تغيير النظام في البلدين وأن كلتيهما يقينا،وبالحساب الكلي للمكاسب والخسائر انحسرتا مؤقتا عن الشارع ،ولكنهما(وقد سبق أن قلنا ذلك) تركتا النظامين في وضع مترنح،متآكل سياسيا واجتماعيا..
يتطلب الأمر إذا،بذل أقصى مساعدة،لحركات وتنظيمات وأحزاب هذين البلدين الرافضة للصّهْينة الجديدة،من لدن كل قوى حركة التّقدم العربية ،على اختلاف هوياتها الفكرية والسياسية،إذ أن تضاعف جهودها ومعدّل سرعتها نحو تطوير بنيتها الجنينية واستكمال وحدة عملها،كفيل بتثبيت وجودها وكيانها قبل أن يسرق النظامان الوقت التاريخي المحدود من كل منها على انفراد،وهي في حالة تسيّب وتبديد للطاقات في معارك ثانوية وأحيانا وهمية.

الكاتب : عبد الله راكز - بتاريخ : 19/10/2020

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *