عندما تتحدث السينما العربية القومية بلغة الإيديولوجيا!!

عبد الله راكز

1/ليس دائما الفن
من أجل «الفن»:

لربما صدق القول،بأن ذاكرة المشاهد العربي تمتلئ بمشاهد لم يعشها أبدا،حتى وهو أكثر اتقادا ووطنية. ومع العلم أن الأغلبية بالبلدان العربية فلاحون،فإن الشاشة العربية لم تستطع،باستثناء فيلم أو ثلاثة هي: «الحياة اليومية في قرية سورية «للمخرج السوري عمر أميرالاي و «جفت الأمطار» لسيد عيسى، أن تعطي الكلمة للفلاح اليوم(كمثال) كي يتحدث عما يجول بنفسه.
تجدر الإشارة أيضا بهذا الصدد، إلى كون فلاحي يوسف شاهين يشيرون العام 36 ،أما فلاحو صلاح أبو سيف فتستهلكهم هموم الجنس ونزاع زوجات الرجل الواحد، وغالبا ما يحبسهم المخرج في إطار الأنماط الجامدة،يدور في نفس الفلك(على سبيل الاسترسال) فلاحو المخرج الجزائري الأخضر حامينا. وإذا كان محمد أبو عماري فيما بعد أحدث تيارا بأكمله في السينما الجزائرية(سُميت بالسينما الجديدة). فهو مالبث أن انحسرت وانتهت تجربته بانتهاء حرارة الحفاوة ب» الثورة الزراعية» التي كانت بدأت العام 72
سوف يعترض البعض ويقول إن هناك تجارب أخرى احْتُسبت قومية مثيل أفلام مصطفى كمال وسيد درويش وغيرها من الأفلام «القومية»؟؟.هؤلاء ينسون حقيقتين هما في اعتقادنا التاليتان:
أ-أولاهما، أن الكاميرا في كل الأفلام الوطنية،لم تمارس وظيفتها بالكامل، بل هي كانت(وفقط) بمثابة جهاز تسجيل محايد لصفحات من تاريخ مدرسي رسمي.
ب- وثانيتهما، أن السينما «القومية « ماكان يجب أن ترتد إلى الماضي،بل يجب أن تنتزعنا من زحمة الحياة، وتستجمع جزيئات الحياة، وتصقل هذه الجزيئات لتوصلنا(كما كان الشأن عند ايزنشتاين ورومان بولنسكي وآخرين ) إلى الوعي لا بحقيقة الأرض، التي نقف عليها فحسب،بل بقدراتنا الإنسانية وبإمكانية تغيير هذه الأرض لتُوائم تلك القدرات.

2/في الاستثناء وضرورته:

باستثناء فيلم «سنعود» للجزائري سليم رياض و «المخدوعون « لتوفيق صالح وكذا «رجال تحت الشمس» لبرهان علوية لم نر على الشاشة العربية سوى عصابات ويسترن أمريكية، تنكرت في زي فلسطيني ووضعت أقنعة الكاوبوي، وراحت توهم الجميع بأن حل القضية الفلسطينية هو الدخول مع إسرائيل في معركة بالأيدي، وأنه لاحل على الإطلاق ما لم نعثر على أبطال خارقين (=فيلم «الفلسطيني الثائر « لرضا ميسر).ولم يلحظ أحد أن تمجيد البطولات بمعزل عن حركية الواقع يؤدي إلى تحويل القضية إلى عرض مثير،يخص الآخرين،ولا يحدّد البتة وأبدا وَعْينا بالبعد الجديد الذي أضيف إلى واقعنا اليومي في غفلة منا.

3/تحصيل غير نهائي:

عندما لا تنجح السينما العربية في الاتجاه نحو الهدف فهي سينما لا»قومية «،لأنها هنا تدافع عن فِعْل «الإزاغة «،أي أنها تدفع بالقَسْر المشاهد إلى الانحراف عن واقعه عبر الإيحاء بأن الموضوع هو الإنسان المطلق في كل زمان ومكان،وتُنسيه بأن العواطف هي أيضا في حالة تطور،هي أيضا لها تاريخ.السينما «القومية» هي ثمرة كفاح سينمائي للعرب للتحرر من الكوزموبوليتية(=الهولوودية).هي وسيلة تعبير نوعية من شأنها أن تربط حركية واقعنا وتدفع بنا إلى مسار هذه الحركة،لأنها وعي ومعرفة من نوع خاص.
وإذن،أين موقع السينما المغربية من هذا؟؟

الكاتب : عبد الله راكز - بتاريخ : 20/10/2020

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *