في احتمالات الاتفاق اللبناني- الإسرائيلي؟؟

عبد الله راكز

1 – في عمق الاتفاق:

يجري الآن التهييئ لاتفاق ترسيم الحدود اللبنانية البحرية والبرية مع إسرائيل، وبالمقابل يفرض عون شروط الخزيرات على المكلف المستقبلي بتشكيل الحكومة(ويعني سعد الحريري ومن ورائه المبادرة الفرنسية). يجري هذا كله في وضع لبناني أقل ما يقال فيه إنه يعاني من بلوغ التّفتت ذروة هامة على جميع الأصعدة (وأساسا منها الصعيد الإجتماعي)، وهذا بعد مضي سنة تقريبا على الانتفاض الشعبي الرافض لحكم التحالف الماروني -الشيعي ؟
رغم كل هذا لم تتوقف الأصوات الوطنية قبل توقيع الاتفاق عن إطلاق صرخة المطالبة بالوحدة الوطنية لمقاومة الاحتلال ورفض شروطه (نعني الأصوات المعبر عنها في الحراك الشعبي)، وهي أيضا أصوات وطنية تتجاوز وقائع التّصعيد الفاشي الطائفي، داعية إلى تحقيق الحد الأدنى اللازم من الوفاق الوطني لتعبئة القوى الوطنية والشعبية في اتجاه تحرير لبنان وتوحيده واستعادة السيادة الوطنية الكاملة فوق أرضه.
وطبعا هذه الأصوات لن تلقى أي تجاوب جدي مع الحُكم، في حين ستلقى الرفض من الطرف الذي يرفع شعار الغالب والمغلوب أساسا للعلاقة بين اللبنانيين؟(التحالف الماروني -الشيعي). قيل إن بإمكان الحكم الاستقواء بالوفاق الوطني لمواجهة شروط إسرائيل (ومعها المبادرة الأمريكو-فرنسية)، لكن يُتبيّن أن رهان الحُكم في مكان آخر، فرهانه دائما(وكما يتضح) هو تكريس التّشردم الوطني بما يجعل كل طرف وطني غارقا في همومه الفئوية، ويترك الحكم متفلّتا من القيود الداخلية التي تفرضها المعادلة اللبنانية، مثلما هو رهانه أيضا على حالة التّفكك والعجز العربي التي ستجعل حالة رد الفعل العربي عاجزا عن تدفيع لبنان الرسمي أي ثمن لتوقيع الإتفاق؟؟

2 – في الخلفية التاريخية :

في 17 ماي من العام 83 وقع الحكم اللبناني اتفاقا مع إسرائيل، فماذا قبض بالمقابل؟؟ حسب النص الرسمي يجب أن تنسحب إسرائيل، لكن الحكم الذي وقع الاتفاق ارتضى أن يوقع خلفه مذكرة إسرائيلية-أمريكية وقعت على حدة، تقبض مقابلها (=الاتفاقية) إسرائيل كثمن، مساعدات وصفقات أسلحة ودعما سياسيا في موقفها بالمنطقة، وربما أشياء أخرى لم تعرف بعد(وهذا هو الجاري الآن من دون أي ريب)، دون أن يرتبط كل هذا بتنفيذ الانسحاب على الأرض أو على الأقل وقف الاستيطان بالضفة الغربية.
مرة أخرى،هل سيكتفي لبنان بالخروج صفر اليدين جراء هذا الاتفاق؟؟ هل الاتفاق هذا سيضع الوحدة اللبنانية على شفا «حفرة»؟؟ إلى حدّ أن كثيرين طرحوا بالفعل موضوع التّقسيم كأحد الاحتمالات التي يمكن أن يصل إليها الوضع اللبناني بعد توقيع الاتفاق ؟؟
الغريب أن تنفيذ هذا الاتفاق ليس بيد الدولة اللبنانية الرسمية، وهو ما يعني أن مجمل المكاسب التي حققتها إسرائيل بموجب اتفاقات التطبيع القائمة الآن(وقد انضم إليها السودان في انتظار الآخرين )قد أصبحت ورقة مضمونة. ولم تَعُد مواجهة بنفس القدر عن الضغوط السياسية الدولية الناجمة عن استمرار الاحتلال، بل هي قد تُمنح صك براءة، من المطامع التاريخية في أرض لبنان مياهه، ومما ارتكبته من جرائم ومجازر ضد السكان المدنيين بالحديث عن شرعية الأمم المتحدة، كل ذلك دون أن تقدم عمليا أي تنازل على الأرض…

الكاتب : عبد الله راكز - بتاريخ : 29/10/2020

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *