عودة مشكل الثقة؟

عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr

عادت الثقة في المعادلة السياسية من جديد لتتصدر المذكرات والمطالب السياسية والديباجات، من أجل إنجاح الاستحقاقات القادمة.
عادت الثقة، كما لو أننا لم نمر منذ شهور بامتحان حقيقي لهذه الثقة..
نختلف في المداخل التي يجب أن نسميها بها احترازاتنا بأن نخسر في جعل الثقة إلى جانبنا،
ونعيد طرح أسئلة بائتة أحيانا لكي نجدد للثقة سيرتها في السياسة واليومي..
كما لو أننا غير معنيين بضمورها وتعثر سريانها في الحياة العامة.. مما صار يستوجب منا الاتفاق على قاعدة للنظر في موضوع الثقة اليوم، ثم غدا في الانتخابات..
1 – هل نحن نتكلم عن الثقة ذاتها عند الجميع
وعن المداخل نفسها عند الجميع وعن منسوبها لدى الجميع؟
لا نعتقد بأن ذلك يحظى بالتعريف نفسه وبالتقدير نفسه لتاريخ الثقة الحديث في الفترة الأخيرة من حياتنا الوطنية.
يختار اليساري الراديكالي أن يعود إلى شرط الثقة، المبنية على اتهام المنظومة السياسية بالعجز في تحقيق العدالة وانتهاك الحريات، ويحتاج إلى مساءلة الزاوية الأكثر حدة في هذا البناء: شرط السياسة في الحرية، وقدرتهما معا على تهويل الخصاص في طرح الثقة…
ولا يختلف الذي يقود الحكومة كثيرا عنه، من هذه الزاوية:فهو أيضا يعتبر بأن شرط الثقة مرتبط بالشرط الحقوقي، وبالإشارات التي تبعثها الدولة عن نفسها ، بدون أن يسميها، كما لو أن الذي سيخوض الاقتراع لا علاقة له بالحاضر الذي يقوده..
يقول المعارض الكلام نفسه، وهو يفكر في شروط التأزيم بالنسبة للأغلبية..
سيبحث في الانفراج السياسي عن وصفة لكي يعود المغاربة إلى الصناديق، ويعتبر بأن الثقة ما زالت تعاني من ضعف الحرية.
في الوثائق ما لا يطرح عادة في لقاءات الثقافة العامة بتوضيح أكبر وبأسئلة أكثر حدة: لا يعفينا من المفارقة. والمفارقة فينا هي أن الجميع، في الوقت ذاته يشيد بالثقة التي عادت للمواطنين في الدولة والموسسات،
تلك الدولة التي يطالبونها من بعد أن تقيم الدليل على أنها حسنة النية وأنها مضاءة بإرادة سماوية في نشر الثقة بقرارات غير دقيقة.
الدولة الوقية والموثوقة اليوم، هذه حقيقة، كل يشيد بها..
يشيد بالالتفاف حولها
يشيد بأن المغاربة علقوا حريتهم لأنهم يثقون فيها
ويقولون بوضوح الواثق بأنها مؤتمنة على سلامتهم وعيشهم وحلهم و حرياتهم حتى ولو عطلت الدستور من أجلهم…
فكيف تكون، في نظر من يستعد للماراطون الانتخابي، غير ذات منسوب من الثقة، وبلغة أخرى من تخاطب الهيئات السياسية، عندما تبحث عن إجراءات وعن قرارات ، بغض النظر عن فعاليتها أو صدقيتها أو مشروعيتها؟
هل صاحب قرار يحـظى بثقة لا توصف من فئات واسعة من الشعب الذي استأمنه أم صاحب القرار الذي عليه أن يثبت حسن النية في توفير شروط المشاورة الواسعة؟
2 – ليست أزمة الثقة، هي نفسها في كل مراحل الفعل السياسي، لهذا فإن علاجها، له مدخله المرتبط بالنخب نفسها التي تخوض التنافس.. وقد بينت الحراكات الصعبة مشكلة حقيقة في منظومة الوساطة..
وبينت أيضا هشاشة البناء النخبوي فوق التراب الوطني…
وبينت أن الأزمات ليست واحدة كلما وضع سؤال الثقة…
3 – لا يمكن أن نشجع المغاربة على التصويت بطرح نقاش تقني محض في ترتيب الأرقام:
لا بد من قرار حاسم يخص تعدد التعويضات والمهام ، وهو شرط يحضر في الفضاء العمومي، لكن لا تطرحه النخب بنفس الاقتناع، وبنفس الدرجة التي ينالها موضوع تقني ما..
وهو شرط تم تقديمه باسم الاشتراكيين المغاربة في قبة البرلمان، واتخذ مساره المؤسساتي، يمكنه أن يساعد، من زاوية غير بعيدة عن زاوية القوانين الانتخابية على تغذية الثقة في العمليات السياسية ذات الصلة… ولا بد من إنهاء الكثير من مظاهر غير مفهومة في حياتنا الديموقراطية الناشئة، كما هو حال التقاعدات غير المنظور إليها بطمأنينة كتقاعد الوزراء والبرلمانيين وغيرهم، وكل ما له علاقة بالسلطة التمثيلية، لكي يعرف المغاربة بأنهم يمكن أن يثقوا في المؤسسات القادمة، وأن شيئا ما تغير، وليست الأرقام وحدها المتعلقة بالنسبة التي تحركت قصد التصويت…
والواضح أيضا أن سقف الثقة، يثير المخاوف بأنه سيكون منخفضا عندما يتعلق بالانتخابات… وهنا لا يمكن، أن نخلط بين السقفين: الثقة في مؤسسات الدولة في الأزمات الكبرى وتدبير الجائحة، والثقة في الطاقم الخاص بالانتخابات ،
نحن في مفارقة واضحة لا يكفي اقتناعنا بأننا ننخرط في التنافس خدمة للوطن، لكي نحصل على المشاركة الواسعة،اذ لا بد من حد أدنى من الثقة في السلوك وفي المحيط العام لأخلاقيات التنافس وأخلاقيات التطوع لخدمة البلاد وتقوية الوسائل الحزبية التمثيلية..
وأول القطر أن تكف المكونات التي تقود المؤسسات عن إرسال إشارات متناقضة، وأحيانا من أعلى الهرم المؤسساتي..

الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 24/07/2020

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *