أولياء مغاربة في مصر 26 : الشيخ أحمد الفولي المغربي :مسجده أقدم المساجد بالمنيا بناه الخديوي إسماعيل

العلاقة التي تربط المصريين والمغاربة ،علاقة تمتد في الزمن منذ قرون،فقد تعددت أوجه هذه العلاقة كما تشهد بذلك كتب التاريخ .
ووفق المؤرخين، فقد هاجر العديد من المغاربة إلى الديار المصرية في عهد مولى إسماعيل، خاصة من فاس ومراكش، حيث استوطن أهل فاس في القاهرة، في حين استوطن أهل مراكش في الإسكندرية.
وتؤكد المصادر التاريخية، أن المغاربة الذين اختاروا مصر مقاما جديدا لهم، يعتبرون من التجار الكبار، وهناك تأقلموا مع أهل هذا البلد، فنمت تجارتهم، بل استطاعوا أن تكون لهم اليد العليا على المستوى التجاري والاقتصادي، فأصبحوا فعلا يشكلون النخبة هناك، ولهم تأثير واضح على مستوى الحكم.
تمكن المغاربة الذين اندمجوا بسرعة في المجتمع المصري،من توسيع تجارتهم، لتمتد إلى خارج مصر، وتصل إلى مكة والشام، بل بنوا حارات جديدة مازالت قائمة في مصر إلى اليوم، شاهدة على ما قدمه المغاربة من إضافة إلى وطنهم الجديد.
لم تقتصر الأيادي البيضاء للمغاربة على مصر في هذا الباب، بل ظهرت جليا على مستوى العلم والتصوف.
وكما يقال، إن كان الإسلام دخل إلى المغرب من الشرق، فإن تأثير المغاربة في المشرق جاء عن طريق علماء الصوفية.
في هذه الرحلة، نستعرض أهم أشهر المتصوفين المغاربة المدفونين في المشرق خاصة في مصر ،الذين تركوا بصمات وأتباع لمدارسهم الصوفية إلى اليوم ،حيث يستقطب هؤلاء المتصوفة المغاربة، الملايين من المريدين المصريين كل موسم.

 

اهتم الباحثون المصريون وغيرهم وكذلك الإعلام بالأولياء الصالحين المغاربة في مصر.
وقد جاء في أحد أعداد جريدة الأهرام المصرية ،أن معظم أولياء الله الصالحين بمصر، تعود أصولهم إلى المغرب، وأنهم فضلوا الإقامة في مصر بعد عودتهم من أداء مناسك الحج.
وذكرت الصحيفة المصرية أن الآلاف من رجال الصوفية جاءوا من الأندلس والمغرب وعايشوا المصريين وألقوا عليهم دروس العلم وقد عاد عدد ضخم منهم بعد أداء فريضة الحج ليقيموا حتى نهاية حياتهم في مصر.
وذكرت أن من الحجاج المغاربة الذين فضلوا الإقامة بمصر بعد عودتهم من موسم الحج، وتحولت أضرحتهم إلى مزارات ،سيدى احمد البدوى بطنطا وسيدي عبد الرحيم القنائى بقنا وسيدى المرسى أبوالعباس بالإسكندرية وسيدى الفولي بالمنيا وسيدى أبوالحسن الشاذلي الذي جاء إلى الاسكندرية قادما من تونس بعد أن تتلمذ في مسقط رأسه قرية غمار بالمغرب على يد المتصوف المغربى عبد السلام بن مشيش.
وأكدت الأهرام أن الحجاج والمتصوفة المغاربة كانوا ينتشرون في كل أرجاء مصر وصارت منازلهم وزواياهم، مقامات ومدارس شعبية عامرة بالمريدين.
ومن بين الأولياء الصالحين المغاربة الذين دفنوا في مصر، هناك ويجري الشيخ أحمد الفولي المغربي الأصل،الذي يتم تكريمه كل سنة، من قبل شريحة كبيرة من المصريين التي تعتبره من الأولياء الصالحين، الذين كانوا يعبرون مصر متجهين نحو الحجاز لأداء فريضة الحج.
تقول المراجع، إن محافظة المنيا المصرية» مينيا الفولي»، سميت بهذا الاسم، نسبة إلى مسجد الشيخ أحمد الفولي، والذي يقع ضريحه ومسجده، وسط المدينة بشارع كورنيش النيل.
وقد مر على إنشاء المسجد الذي يحمل اسمه،أكثر من 400 عامًا، ورغم ذلك ما زال الأهالي يتوافدون عليه من شتى بقاع الجمهورية، قاصدين التبرك والدعاء، حتى أن بعض المرضى وأصحاب الحاجة يزورون المقام لقراءة الفاتحة والتبرك بالمكان. المسجد يبلغ ارتفاع جدرانه من الخارج 12 مترًا، ومنارته بالهلال ارتفاعها 38 مترًا، كما ترتفع أرضه عن الشوارع المحيطة به 1.50 مترًا، وحوائطه جميعها مبنية بالطوب الأحمر ومكسوة من الخارج بالحجر الصناعي، وأسقفه من الخرسانة المسلحة، وسلالم المدخل وأرضيته من الموزايكو، والقبلة والجزء الأسفل من الحوائط الداخلية بإرتفاع 1.20 متر مغطاة بالموزايكو المزخرف بحليات عربية، ونقشت الأسقف بزخارف عربية دقيقة بألوان متعددة.
ويحرص المئات من أهالي القرى والأحياء الشعبية في المنيا، على حضور الاحتفال السنوي الذي تقيمه الطرق الصوفية، بمولد العارف بالله سيدي أحمد الفولي، والذي يتزامن مع الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج، يوم 27 رجب.
وبحسب نائب الطريقة الرفاعية، ذاع صيت «الفولي» لما عرف عنه من تصوف وصلاح وزهد واستقامة، وتبحر في علوم الشريعة اللغوية والصوفية، وكرس حياته في الإرشاد لأبناء المنيا والوافدين من أرجاء الصعيد، وله تفاسير لبعض آيات القرآن.
وروي، أنه عندما توفى عام 1076 هجريًا أي بعد عمر يناهز 85 عامًا، دُفن في ضريح خاص بزاوية أنشأها في حياته على شاطئ النيل الغربي، ثم أسس المسجد بعد استمرار توافد الزائرين.
مصادر أخرى، روت قصة بناء مسجد الشيخ الفولي، حيث قالت إن الخديو إسماعيل وهو فى طريق رحلته إلى جنوب مصر توقف بموكبه أمام زاوية الشيخ الفولي ونزل إلى مكان الضريح وهناك أمر الخديوى إسماعيل ببناء جامع كبير له وضريح يليق بمقامه.
وأوقف عليهما 100 فدان من أجود الأراضي الزراعية عام 1363 هـ وقد تم بناء المسجد والضريح على الطراز الأندلسي وهو طراز فريد فى مصر ليس له مثيل وتم افتتاح المسجد ونقل الجثمان إليه عام 1365 هـ.