«إبداعات الربيع» تتصدى لأجواء الحجر الصحي خلال معرض بالرباط

احتضنت المكتبة الوطنية للمملكة المغربية بالرباط خلال الفترة الممتدة مابين 27 ماي و4 من شهر يونيوالماضيين، معرضا فنيا تشكيليا نظم من طرف جمعية إبداعات فنية تحت شعار «إبداعات الربيع».
وخلال  يوم الافتتاح، التقطت الجريدة شهادات بعض من الفنانات المشاركات كما عضوات الجمعية، من أجل إلقاء الضوء حول هاته التظاهرة.
وبهذا الصدد منحتنا الفنانة نهى فنيش نبذة عن الجمعية، تاريخ نشأتها وأهدافها، وركزت على كون الجمعية عبارة عن تجمع للفنانين، ما يقارب 40 فنانا، دفعتهم الرغبة في مشاركة تجاربهم، منذ تأسيس الهيأة سنة 2019، برغبة أن تصبح هاته الأخيرة ملتقى للفن، وعلى هذا الأساس تبرمج لقاءات بين مهنيي الفن وتكريمات لشخصيات عملت من أجل المجال الفني على اختلاف أنواعه، من خلال تنظيم تظاهرات فنية وثقافية وإقامة ورشات إبداعية وموائد مستديرة ومحاضرات وغير ذلك، وتسعى بالدفع بالمجال الفني إلى الأمام، والتعريف بالفن والفنانين، وتشجيع الشباب وتربيتهم على ممارسة الجمالية في عملهم الإبداعي، خاصة وأن المغرب يحاول أن ينهض بهذا المجال ويعرف انتعاشا فنيا وثقافيا. انطلاقا من هذا المعطى، تقول دائما عضو مكتب الجمعية والفنانة فنيش، تم تنظيم  خلال شهر مارس الماضي محاضرة حول الفن المعاصر بالمغرب بالمركز الثقافي بأكدال.
وحول دورها في هاته التظاهرة الفنية، وضحت نهى فنيش على كون كل أعضاء مكتب الجمعية يعملون كل من جهته على تنظيم الأنشطة المختلفة التي تبرمجها «إبداعات فنية» واسترسلت قائلة بأنه كان لديها، خلال هذاه التظاهرة، دور الإشراف على قاعة العرض بالمكتبة الوطنية، من استقبال وتسجيل للوحات المشاركين، وتنظيم القاعة، بحيث تم خلق مجموع من الأروقة: رواق خاص باللوحات حول الورود ورواق خاص بالمناظر الطبيعية الخضراء، ورواق حول الماء البحر والصخور ورواق للفن التجريدي، وأخر شمل لوحة من كل موضوع.
وأضافت الفنانة فنيش أن «إبداعات الربيع» ،الذي عرف مشاركة  29فنانا، بأكثر من 50 لوحة تناولت موضوع الربيع، هو ثاني معرض لجمعية إبداعات فنية، و شاهد يوم الإفتتاح حضور عدة شخصيات من ميادين مختلفة: الميدان الثقافي أساتذة جامعيين شخصيات سياسية ، وتم خلاله تكريم الفنان محمد قرماد تقديرا لقيمته الفنية، وألقيت كلمة في حقه من طرف  رئيس الجمعية محمد الجراري الذي قدم له بهاته المناسبة هدية تذكارية تتمثل في لوحة إلكترونية. بالإضافة إلى التكريم عرف المعرض لوحة موسيقية تمثلت في تقسيمات موسيقية من طرف الأستاذ نور الدين شنيقي، وهو أيضا عضو في الجمعية وشارك بلوحتين من الفن التجريدي.
وبخصوص اللوحات التي شاركت بها الفنانة نهى فنيش التي ، للتذكير، تستلهم إبداعاتها من عشقها للمغرب التقليدي القديم وللطبيعة و لحبها للمجوهرات و تعتمد في أعمالها على مدارس فنية مختلفة  عكستها في لوحاتها التي شاركت بها في عدة معارض محلية ودولية، الأولى عبارة عن وردة كبيرة جدا (متر و10 سم على مترو 10)من اللون البنفسجي، عليها قطرات ندى التي تظهر على أوراقها، و اللوحة الثانية هي ضمن المشروع الذي تشتغل عليه الفنانة حاليا ويتعلق الأمر بالطوابع البريدية أو الرسائل و تريد أن تعكس بها أجواء السفر وذكرياته ، وداخل هذه المجموعة خصصت بعضها لمدينة الرباط كذلك على شكل طوابع بريدية لتبرزالجانب العصري للمدينة ممزوجا بالجانب التاريخي الاثري، محاولة منها وإصرارا أيضا على أن تظهر مدينة الرباط مثل جل المدن الكبيرة بالعالم. واستردفت فنيش موضحة أن مشاركتها بلوحة بها قارب فوق الماء يدخل ايضا في تيمة فصل الربيع إذ يفكر الفرد في الخروج للطبيعة جانب الوادي أو على شاطئ البحر وممارسة الأنشطة المائية.
من جهتها فإن الفنانة والدكتورة سنان حدو الفهري، أكدت أنها فنانة منذ سنوات،و تعرفت على فن الطب والجراحة قبل أن تقتحم عالم الفن التشكيلي وتصبح ضمن فريق وصفته بالرائع، واسترسلت قائلة بأنها حاليا ضمن هاته الجمعية لأنها تم تأسيسها من طرف أحد زملائها، وهو الدكتور عباس الجراري. وتمارس الفنانة سنان حدو الفهري، الفن التصويري وتحبه لأن هذا الفن يعكس لها تلك الروعة التي يخلق بها الله الإنسان، وبالتالي فهي تسعى إلى التقرب من تلك الجمالية وذلك الصدق بالملامح من خلال رسوماتها.
الفنانة حكيمة الجراري، أيضا عرفت بنفسها بصفتها : أستاذة جامعية وفنانة تشكيلية منذ 2005 ، وقد شاركت في المعرض بلوحتين تعبران عن فصل الربيع، والطبيعة، و تشتغل أيضا كأمينة مال الجمعية التي تاسست بمعية الدكتور الجراري و تمنت التوفيق للمعرض.
الفنانة عتيقة الصايغ شاركت، هي كذلك، بهذا المعرض الذي تنظمه جمعية «إبداعات فنية» ، وهو ثاني معرض تشكيلي لها معهم وساهمت بلوحة خاصة بالربيع إذ تستعمل ألوان الربيع و تضيف للورود الكتب أو كرسي لأنه في نظرها يوحي في بعض الأحيان للقراءة وتتمنى التوفيق لهاته الجمعية الفتية.
و صرحت أمينة بنفتاح السقلي، بأنها شاركت، خلال هذا المعرض، بلوحتين تعبران عن الطبيعة وفصل الربيع و أشارت إلى أنه تم اختيار تيمة الربيع للخروج من أجواء الحجر الصحي ولفتح باب «الربيع»  قولا وفعلا وأضافت مفسرة بأنه سبق وشاركت بمعارض فنية أخرى وفي كل سنة  منذ عام 1999، وتركز لوحاتها خصوصا على الطبيعة والمدن .
من جهتها، فإن الباتول بركاش الفنانة التشكيلية من مدينة الرباط ، و العضو ضمن مكتب جمعية «إبداعات فنية»، فقد صرحت لمنبرنا، بأنها من بين أعضاء المكتب الذين سهروا على هذه التظاهرة الثانية في تاريخ الجمعية، وكان لها شرف اقتراح التيمة منذ شهرين، وافق عليها باقي أعضاء المكتب وعملوا كلهم على تنظيم المعرض، وأوضحت أن فكرة الموضوع كانت ملحة بعد ما عاشه الكل في ظل الحجر الصحي الذي دام لشهور انقطعت تقريبا خلاله جل الأنشطة الفنية والثقافية كما أجواء الإحتفال بالفصول. و أضافت أن «إبداعات الربيع» تميز بالحرية بحيث طلبوا من الفنانين المشاركين التعبير عن إحساسهم بالربيع وأجوائه والإلتزام فقط ببعض معايير اللوحة من أجل تناسق المعرض.
وعن لوحاتها التي شاركت بها في هذا المعرض تقول الباتول أنها على العموم تستلهم إبداعاتها مما يبقى عالقا في مخيلتها من ذكريات سفرياتها، أما لوحاتها بهاته التظاهرة، فهي  تعكس سفرها الأخير لمنطقة ما بين مدينتي اسفي والصويرة وتأثير أشعة غروب الشمس على الحجر وتلك الألوان التي تفجرت منها. وأضافت أنها فضلت الماء والحجر لهاته التيمة لأنه عكس ما يفعله الكثيرون بخروجهم في فصل الربيع للغابة مثلا، هي تحب الاستجمام في البحر خارج فصل الصيف حيث يقل الإزدجام والضوضاء، كما أنها على العموم تحب كثيرا الرسم على الأحجار وتحاول في كل مرة أن تعيد ذكرى ما تعكسه أشعة الشمس عليها. وقد شاركت بلوحتين خلال هاته التظاهرة، الأولى بعنوان «أمواج السعادة» والثانية تحت إسم «تحت ظل ربيعي».
وللتعريف بنفسها لقراء جريدة الاتحاد الاشتراكي قالت الباتول بركاش بأنها فضلا عن كونها فنانة وعضو بجمعية «إبداعات فنية» هي أيضا أستاذة جامعية ومدربة حياة وحاليا متخصصة في تكوين المكونين، حياتها منذ الطفولة مرتبطة بعالم الفن والأعمال اليدوية والإبداع، لكنها لم تتعاطاه بشكل رسمي إلا في السنوات الأخيرة وتقريبا بالتوازي مع عملها في الميدان البيداغوجي. وتهتم في فنها، أغلب الأوقات، بالتراث لدرجة أن هناك بعض الصحافيين ينعتونها ب»ديما ماروك» ،على حد قولها، لأنه في كل مرة تستحضر شيئا من المغرب في إبداعاتها. كما لها عشق خاص بالتراث بحكم كونها ابنة «المدينة العتيقة» بالرباط إذ نشأت بين جدران بيت عتيق يحمل بنيان الفن المعماري المغربي العتيق كما الفن الأندلسي الذي كان يعتمد على مواد مثل الرخام والزليج…وتجولت بين أزقة المدينة وخبرت أعمال الحرفيين والمواد التي يستعملونها فأحبت التراث المغربي وتشبعت بكل هاته الأجواء ولها حب خاص ل»زنقة القناصل بمدينة الرباط. كل هذا تسترسل الفنانة الباتول علق في مخيلتها وأثر بشكل كبيرعلى لوحاتها، فهي لديها لوحات عديدة حول المساجد القديمة والصومعات أهدت منها مجموعة لجامعة القرويين الذين قبلوها بصدر رحب وتم عرضها بجدران الإدارة هناك، كما ساهمت بلوحات تحمل عبق التاريخ المغربي وتراثه في عديد من المعارض داخل وخارج المغرب من باريس وبلجيكا وإيطاليا وإسبانيا، لقيت كلها تجاوبا كبيرا. ومن بين المعارض يذكر معرض ساهمت فيه مع فنان شهير وهو السيد عفيف بناني بعنوان «الهوائيات» نظم من طرف بريد المغرب وتم تشريفها باختيار إبداعها ليصدر كطابع بريدي. كما أن منشورات «لارماتون» اختارت لوحة من لوحاتها لغلاف إحدى إصداراتها وهو عبارة عن مؤلف حول المسرح بالمغرب للكاتبة بشرى شكير. وأضافت أنها عادت للتو من تونس حيث حضرت هناك للمشاركة في معرض نظم بمناسبة الاحتفال بشهر التراث، من طرف «جمعية الفنانات المغاربيات»و تمت دعوتها عن طريق السفارة المغربية بتونس وساهمت بمجموعة من اللوحات «الخاصة «، إذ لأول مرة يعمل بالمغرب بمقاييس اللوحة الكبيرة (مقاس 10 سنتيمات) واستحسنوها لأنها كانت غريبة وجديدة .
واغتنمت الجريدة هذا اللقاء لتسأل الفنانة الباتول بركاش عن جديدها، فقالت هاته الأخيرة بأنها بصدد تهييء معرضين خاصين بها حول تيمة الكتاب وأهمية الثقافة والقراءة وهي عبارة عن مجموعة كبيرة تضم أكثر من 30 لوحة ستعلن قريبا عن موعد ومكان عرضها. أما المجموعة الثانية فحول تيمة «المجوهرات الأمازيغية التقليدية»، وللإشارة فقد سبق وعرضت مجموعات كثيرة حول المجوهرات من نبالة والجوهر المغربي الحر: الرباطي والفاسي والتطواني..، وحاليا تجددها وتضعها في حلة جديدة ومن المرتقب أن تعرضها في المستقبل القريب بعد أن تجد قاعة مناسبة لعرضها بها.


الكاتب : سهام القرشاوي

  

بتاريخ : 22/06/2022