تدشين فضاء «أغبالو نكردوس» للذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير بإقليم الرشيدية

ستجرى، يوم غد الأربعاء 29 دجنبر 2021، مراسم التدشين الرسمي لفضاء الذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير بجماعة أغبالو نكردوس بإقليم الرشيدية الذي فتح أبوابه بتاريخ 31 دجنبر 2020، في انتظار أن تسمح الظروف بافتتاحه رسميا.
وسيحضر الحفل إثنا عشرة عائلة لفروع وذوي حقوق قدماء المعتقلين من قادة وأعلام الحركة الوطنية والتحريرية من مدن الرباط وسلا والدار البيضاء والجديدة ومكناس وفاس وبني ملال لبوا دعوة المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، التي بادرت لتنظيم وقفة استحضار لحدث تاريخي مجيد من أمجاد وروائع الكفاح الوطني في سبيل الحرية والاستقلال والوحدة.
وقصة معتقل أغبالو نكردوس غنية بالدروس والعبر وطافحة بالمعاني والدلالات والعظات التي أبدعتها عبقرية جيل الرواد الأوائل والماهدين للعمل الوطني والتحريري ببلادنا وقادة الحركة الوطنية الذين تجشموا قساوة ومعاناة الإبعاد والنفي في بداية الخمسينيات من القرن الماضي.
هذا السجن القديم الذي يعود تاريخه إلى فترة التمرد أو ما سمي في الأدبيات الاستعمارية بزمن «السيبة»، شكل معتقلا لاستقبال أفواج الوطنيين البارزين والقياديين السياسيين ونخب العلماء والوجهاء والمصلحين من مختلف الفئات السوسيو- الثقافية والمهنية ومن سائر مدن وربوع الوطن.
ويضم المعتقل الذي تم بناؤه بمنطقة جبلية وعرة وعصية المنفذ بسفح جبل بادو الشهير لمعارك 1933 التاريخية التي خاض غمارها المجاهدون والمقاومون من قبائل تافيلالت الأشاوس في مواجهة التسلل الاستعماري منذ مطلع القرن العشرين قبل عقد الحماية في 30 مارس 1912.
وقد خططت سلطات الإقامة العامة للحماية الفرنسية وقواتها العسكرية لتجعل من المعتقل النائي والمعزول مكانا منقطعا عن أية إمكانية الاتصال والتواصل مع المحيط من المدن والحواضر. بيد أن الوطنيين بفضل ذكائهم وحنكتهم وحضور بديهتهم استطاعوا أن يحولوا المعتقل إلى فضاء للتواصل والنقاش السياسي والنضالي ومدرسة لنشر المعرفة والتعلمات بينهم وإشاعة الفكر الوطني والمبادئ النضالية، وهكذا جعلوا من الزنازن التي كانوا يقيمون بها كمجموعات من 4 او 5 أفراد، غرفا تحمل كل منها اسم أحدهم من قبيل غرفة المهدي بنبركة او غرفة المختار السوسي أو غرفة محمد الفاسي أو غرفة عمر بنشمسي وأسماء أخرى واردة في أرشيف ووثائق المعتقل التاريخية.
وشهد معتقل «أغبالو نكردوس» إبان فترة اشتغاله أفوجا من المعتقلين، الذين تم استقدامهم من معظم المدن والحواضر والقرى واضطرت السلطات السجنية المشرفة عليه، في آخر عهدها تحت ضغط الرأي العام الوطني والدولي أيضا، إلى تخفيف الإجراءات التدبيرية ومنها السماح لعائلات بعض المعتقلين من القيام بزيارتهم من حين لآخر، وفق شروط تقييدية.
لعل هذا الوضع السالب للحريات وحقوق الإنسان، الذي اختارته واعتمدته سلطات الحماية الفرنسية يتنافى ويسير في خط متعارض مع أبسط الحقوق والمبادئ الإنسانية التي تنص عليها التشريعات والقوانين، ومن تم فإن التعريف به والكشف عن خباياه وزواياه من شأنه اكتمال المعرفة التاريخية بما يجب من الإحاطة والشمول والتحقيق التاريخي.
لذلك، فإن مبادرة المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير إحداث فضاء الذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير بمكان المعتقل السابق بأغبالو نكردوس، جديرة بالتنويه والإشادة لأنها تندرج في سياق حفظ الذاكرة التاريخية الوطنية في كليتها وشمولها ومن جميع جوانبها.
وإن إعطاء انطلاقة هذا الفضاء الحاضن للذاكرة التاريخية يجسد إرادة تثمين هذه الذاكرة التي هي ملك للمغاربة جميعا كمكون أساسي للتراث اللامادي الوطني.


بتاريخ : 28/12/2021