“مجتمع اللاَّتلامُسَ”: سيلفي لعالم آيل للانهيار» لفرانسوا سالتييل 29 .. كوكل والإنسانية الفائقة

لو تعلق الأمر هنا بمقاولة ناشئة كاليفورية صغيرة تلعب دور مصاصي الدماء ( Ambrosia )، ولا بمظاهر خارقة ( Nectome )، ولكن بواحدة من أكبر المقاولات العالمية التي يتطلع إليها 90 % من الباحثين حول الأنترنت.
أعطى كوكل، سنة 2013، الانطلاقة لمقاولة غريبة اسمها “كاليكو/calico “، شركة كاليفورنيا لايف/ kalifornia life compagnie ) بتمويل أولي بلغ مليار دولار.
استقرت الشركة في القطاع السري” مختبر اكس كوكل/google x lab» والذي يتطلع إلى تطوير الابتكارات الخارقة، وإلى تفكير العالم الما بعد، والى جعل المستحيل ممكنا. الروبوتيزم والذكاء الاصطناعي، وتقنيات النانو، تلك مكونات هذا القطاع الذي يضم خيرة من أكابر الخبراء في هذا المجال. قليلة هي المعلومات التي تتسرب من مقر “كوكل اكس”، لكن يبقى هدف “كاليكو” استئصال المرض بفضل التكنولوجيات الجديدة. وبحسب ما أوردته مجلة “New-Yorker « فإن هؤلاء الباحثين، يتابعون ويحللون آلاف الفئران، منذ ولادتها وحتى لحظة موتها، محاولين بذلك تحديد المؤشرات الحيوية «biojimarqueurs» الخاصة بالشيخوخة، وهي مواد كيماوية يمكن، من خلال مستوياتها، توقع معدلات المرض. تعتزم كاليكو الارتكاز على أرضية من البيانات الصحية العملاقة التي يقدمها محرك بحثها لكي تجس نبض سكان الكوكب. يستخدم كوكل، بالفعل، ومنذ سنوات عديدة، قوة ذكائه الاصطناعي لأجل غايات طبية، وقد عقدت المنصة شراكات عديدة مع مراكز صحية كما مع واحدة من أكبر الهيئات الصحية الأمريكية (Ascension) لأجل تجميع كل المعلومات المرتبطة بالمرضى. ولئن كانت المقاولة تعهدت بالاحتفاظ بمجهولية البروفايلات، فإن من السهل الآن البحث عنها على كوكل، مصادفة. مصادر عديدة للمعلومة تكشف هوية المريض سيء الحظ الذي تظل صحته كما بياناته الشخصية،عرضة للاختراق. أيضا، استثمر کوكل ما يقارب أربعة مليار دولار في شركة”and Me23» المختصة في بیع لوازم اختبار الحمض النووي d’ADNtest.تحليل عينة من اللعاب، يسمح بالوقوف، مقابل 100 أورو- على مدى قابلية الشخص لأن يكون عرضة لحوالي ثلاثين مرضا، خصوصا سرطان الثدي وداء السكري وداء السمنة. ويمكن لهذا التحليل، أيضا، أن يترسم شجرة الأنساب وصولا إلى الأسلاف. طالما أننا هنا بصدد العلاقات العائليـة، فلنوضح أن السيـدة آن ووجسيكي / Anne wojcicki”، الشريكة في تأسيس»and Me23»،كانت خلال تلك الفترة، زوجة للسيد سيرجيبران / sergybrin”، الشريك في تأسيس گوكل، عبر فحص حمضه النووي، اكتشف سيرجي انتقالاً جينيـا نادرا يرشحه لقابلية أن يصاب بمرض»الشلل الرعاش  باركسون». زوبع هذا الاكتشاف حياته اليومية، فسارع، من ثم، إلى تبني نمط حياة آخر، غير نظامه الغذائي، وشرع في تعاطي الرياضة. المثير للسخرية في القصة، انه أيضا انفصل عن زوجته. لكن بعيدا عن انشغالاته العاطفية، فإن 80% من مستعملي الخدمة بالملايين قبلوا باستثمار بياناتهم (المجهولة) لأجل غايات البحث الطبي. تراض وفر لمقاولة”and Me23» قاعدة بيانات جينية عملاقة.إنها المعلومات الثمينة التي أتاحت للمقاولة، سنة 2020، بيع حقوق المنتجات الطبية الأولى لمعالجة الأمراض الالتهابية لفائدة مقاولة صيدلانية إسبانية. أبدا، لم يفلت كوكل من قبضته المجال الجيني. لقد عقد شراكة مع»حمض نووي الأسلاف/ Ancestry DNA”مندوب مبيعات آخر للـوازم فحص الـحمض النووي، لكي يباشر الحفر،بتؤدة، في عمق بيـن البيانات سعيا وراء فهم أعمق لميكانيزمات الشيخوخة. يصرح المقاول “بيل ماريس/Bill maris» الذي كان أول مسؤول وراء إحداث «كاليكو» قائلا: «استشعرت أنها، ربما، كانت، هنا، مهمتنا أن نتخطى الموت، وأن نحتفظ بالوعي حيا إلى ما لانهاية».

برنامج طمـوح لا يقدر بثمن

سنة 2012 كان كوكل، حينها وظف «راي كورزويل/ Ray Kurzweil» للاشتغال على الذكاء الاصطناعي بتودد، في ما يشبه المغازلة، بينما الإنسانية الفائقة، أيضا مولت المقاولة جـامعـته للتفرد، كان»راي» شخصية مثيـرة للجدل، يعتزم، في أفق سنة 2045، إقامة تهجين يزاوج بموجبه بين الإنسان والآلة.ستؤدي هذه اللحظة، بالنسبة إلى عالم المستقبليات، إلى ظهور نوع من التعديل النهائي في الجنس البشري، تعديل لا رجعة فيه. لنا عودة إلى هذه المسألة، لـكن لنحاول، أولا، تحديد حركة الإنسانية الفائقة التي لا تزال،في فرنسا،على قدر من التعقيد والتعدد والتجاهل، في حين أنها اكتسحت جزءا من وادي السيلكون. لتبسيط الأمر يراهن منظرو الإنسانية الفائقة على قوة التكنولوجيات الجديدة بطبيعة الحال NBIC/ تكنولوجيا النانو، والبيو تكنولوجيا، والإعلاميات، والعلوم المعرفية، لصناعة «كائن مزيد/ etreaugmenté « لم يعد الطب يستخدم، فقط، لأجل علاج ما اعتل داخل الجسد الإنساني، ولكن، أيضا، لتحسين قدرات هذا الجسد. الفرد، بالنسبة إليهم، كائن حر يتعين أن يقرر، بمفرده، التعديلات التي يرغب في إلحاقها بجسده، وبدماغه، وبحمضه النووي. وإذا كان العلم يسمح بالتخلص من المرض، فلا ينبغي، إذن، التردد في استخدامه على غرار ما نقوم به، بالفعل، يوميا، في ما يتصل بعمليات التلقيح. غالبا ما يقارن منظرو الإنسانية الفائقة، بين نمط اشتغال الجسد الإنساني وبين ذاك الخاص بالحاسوب. وإذا المرض أو الشيخوخة عبارة عن شيفرة معلوماتية، فإن من الممكن، ضرورة، فك هذه الشيفرة. الموت، حسب هؤلاء، ليس نهاية مطاف «يمنح معنى للحياة» طبقا للتقدير المشترك، ولكن «سارق معنى « كبير. لماذا نغادر، على عجل، أولئك الذين نحبهم؟ يبحث منظرو الإنسانية الفائقة ليس، فقط عن إمكانية أن نواصل الحياة، ولكن، أيضا، عن إمكانية أن نعيش، جيدا، ولأطول مدة ممكنة. أكثر من ذلك، يذهب «راي كورزويل/Ray Kurzweil» إلى أبعد من مجرد دعم يقدمه منظرو الإنسانية الفائقة لعملية الإدماج التام للإنسان بالآلة، ليبلغ حد اعتبار ما سيكون عليه الذكاء الاصطناعي من تفوق عال إذا ما قيس بالذكاء الإنساني. يستند، لبلورة هذه الفكرة، إلى «قانون موور/la loi de moore» الذي يؤكد تزايد ذكاء الآلات، اطرادا، وعلى فترات منتظمة. ولن يحين وقت التهجين إلا عندما تحكم الآلات سيطرتها على الإنسان. يمكن للدماغ الإنساني أن يواصل وجوده في استقلال عن ظرفه البيولوجي، يسمي «راي كورزويل/Ray Kurzweil» هذه اللحظة كما لو كانت لحظة للتفرد. يتعلق الأمر، طبقا للغة الرياضيات، بالنقطة الحاسمة داخل دالة، غير أن «كورزويل» يصلها بما يمكن أن يتيحه انفجار الذكاء الاصطناعي من تحول جذري داخل المجتمعات الإنسانية. علامة قطيعة ستعدل مصير الإنسانية. حدث لا يقل أهمية عن «الانفجار العظيم/big bang»، أو عن اكتشاف الإنسان للنار! يتوقع “راي” أن يكون ذلك عند منتصف القرن الحادي والعشرين، في أفق سنة2045، يبدو الرجل دقيقا قدر ما هو متفائل .


الكاتب : ترجمة: محمد الشنقيطي / عبد الإله الهادفي

  

بتاريخ : 16/04/2024