حين يتحدثون بلسان صادق وعفوي فتكشف تصريحاتهم عن فوراق اجتماعية متعددة : الأطفال يكشفون أعطاب بعض الأسئلة في «دنياهم» على إذاعة محمد السادس

 

تواصل إذاعة محمد السادس حضورها بشكل قوي في المشهد الإذاعي من خلال شبكة غنية بالبرامج المتميزة، التي تخاطب مختلف الفئات والشرائح الاجتماعية، وتلامس مختلف قضاياهم والمواضيع التي تهمهم. ويعتبر «دنيا الأطفال» أحد البرامج الصباحية التي تحظى بالاهتمام، لأن هذه الفقرة يتم بثها في وقت يكون فيه أغلب الأطفال متوجهين صوب مؤسساتهم التعليمية، الأمر الذي يشدّ اهتمام من يتواجدون على متن وسائل للمواصلات تتوفر على مذياع، للمشاركة أو للاستماع لمختلف المداخلات، التي تمكّن الأطفال من التعبير بكل حرية وطلاقة والتواصل بعيدا عن أي مركب نقص، بشأن المواضيع المطروحة والأسئلة التي توجهها مقدمة البرنامج، والتي تكون عفوية الأجوبة وصدقها في كثير من الحالات درسا بليغا، ليس فقط على مستوى التواصل وإنما حتى على صعيد القيم.
حلقة يوم الجمعة الأخير، التي هي امتداد لحلقات تم تخصيصها للدخول المدرسي، عرفت طرح نفس الأسئلة بعد الترحيب وكلمة تقديمية عن أجواء العطلة والسفر ولقاء الأهل والأحباب، والتي تمحورت حول العودة إلى المدرسة وكيف تعامل الطفل/التلميذ مع الأمر، ومن اقتنى لوازمه المدرسية، وأيها التي يفضّلها بشكل أكبر، وهل ساهم في اختيارها، سواء تعلق الأمر بالدفاتر أو المقلمة أو المحفظة وغيرها. أسئلة قد تبدو عادية عند طرحها، لتحفيز الطفل أو الطفلة على المشاركة والتواصل بكل أريحية والسفر معه للحظات إلى عالمه الخاص لمعرفة كيف يفكّر ويكف يتفاعل مع محيطه، لكنها إذا كانت طبيعية عند البعض فإنها بالنسبة للبعض الآخر قد لا تكون كذلك، وهو ما أكدته هذه الحلقة التي جاءت بأجوبة عفوية لكنها تحيل على وضع معين علينا جميعا أن نستحضره حين نتحدث إلى الأطفال، في مختلف المناسبات، وعلى رأسها داخل الأقسام والمؤسسات التعليمية.
لم تكن أجوية الجمعة على غرار الردود التي تابعها المستمعون في حلقات سابقة، فقد أكد متدخلان اثنان، وهما يجيبان بكل عفوية وتلقائية عن الأسئلة، أنهما لم يقتنيا محفظة جديدة، وأنهما استعملا تلك التي درسا بها خلال الموسم الفارط، بل اجتهدا في تقديم مبررات لذلك مع الدعوة لكي يحافظ الأطفال على محافظهم وعلى ما يتوفرون عليه، وهو ما يجب الانتباه إليه بشدة، فليس كل طفل قد سافر خلال فصل الصيف، وليس كل تلميذ قضى عطلة بالشكل الذي يتصوره الجميع، وليس كل طفل قد يكون ارتدى ملابس جديدة أو استطاع والداه أن يوفرا له حقيبة جديدة أو مقررات من المكتبة في أبهى حلّة وغيرها من التفاصيل، بالنظر لتدني القدرة الشرائية وللوضعية الاجتماعية الهشة التي تعاني منها بعض الأسر، بما فيها تلك التي قد تمنح الهاتف لابنها للاتصال ببرنامج يتابعه بشغف ويريد أن يُسمع صوته على أثيره هو الآخر.
لقد كانت كلمات حلقة الجمعة بسيطة وتلقائية، لكنها كشفت من حيث لم يكن يتوقع الكثير من المستمعين، وربما حتى معدي البرنامج والمشرفين عليه، عن واقع ليس بالهيّن داخل الأسرة المغربية، فالأسئلة البسيطة قد تأتي بأجوبة ثقيلة، وهو ما يتطلب اختيارها بمنتهى الدقة، خاصة حين نتحدث إلى طفل من الأطفال، وهنا يكفي أن نستحضر مثالا آخر في هذا الباب، عانت منه أجيال كثيرة، وهو المتعلق بتحديد مهنة الأب، حيث وجد الكثير من الأطفال أنفسهم عرضة للتنمر والسخرية، فقط لأنهم أجابوا عن سؤال معلم أو معلمة، أستاذ أو أستاذة، بخصوص مهنة آبائهم، التي بقدر ما هي شريفة وتستحق التنويه والافتخار فقد جلبت لهم التعاسة في لحظات معينة، لأسباب مختلفة تتعلق بالتربية أولا وأخيرا؟


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 27/09/2022